ولقد يسر الله لدولة الكويت أن تستضيف الدورة الخامسة للمجمع ـ تعبيرًا عن اهتمامها بدعم المشاريع العلمية الإسلامية على أوسع نطاق ـ وتحقيقًا لأهداف مؤسساتها وأنشطتها التي تعنى بخدمة الإسلام ونفع المسلمين، ولا سيما مشروع الموسوعة الفقهية التي صدر منها ثلاثة وعشرون جزءًا فضلا عن مشروع آخر علمي إسلامي تخطط وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بدولة الكويت للمضي فيه مع البنك الإسلامي للتنمية في جدة لوضع كشاف آلي لمائة كتاب من أشهر مصادر الفقه الإسلامي بواسطة الحاسب الآلي، مع إعادة نشر تلك المصادر بما يضمن ملاءمتها مع ما انتهت إليه أصول الإخراج والنشر.
وإذا كان هذان المشروعان يتعلقان بالفقه والتشريع فإن سمو أمير دولة الكويت – حفظة الله – قد رعى مشروعًا آخر أهداه للعالم الإسلامي وهو الموسوعة الإسلامية التي تشتمل على دراسة مستفيضة لأحوال وأوضاع العالم الإسلامي التاريخية والسكانية والغذائية والصحية والجغرافية والاجتماعية والثقافية وكل ما يحقق التكامل بين طاقات الأمة الإسلامية لتزداد تقدمًا وازدهارًا في شتى المجالات، وبهذا التعريف وتسليط الأضواء على أحوال المسلمين في بلادهم تتوثق علاقاتهم القائمة على أخوة الإيمان.
إن هذا المجمع الفقهي الدولي الذي نشهد اليوم افتتاح دورته السادسة لهو أحد ثمرات منظمة المؤتمر الإسلامي – التي ترعى الكويت شئونها منذ ثلاث سنوات ويتولى سمو أميرها الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح رئاستها وتسيير دفتها بما آتاه الله من قوة وحرص على تحقيق ما فيه مصلحة الإسلام وخير المسلمين. . ولم تزل حية تلك الدعوة الحقة التي أعلنها من أعلى منصة دولية لحل مشكلة الديون العالمية، بإسقاط الفوائد عن الدول النامية التي تعاني من غلبة الدين ومعضلاته، وأن يشمل الإسقاط جزءا من أصول الديون عن الدول الأشد فقرا، فضرب بذلك مثلا للتكافل الاقتصادي في ظل مبادئ الإسلام، وطالب بالاحتكام إلى ما فيه من حلول لإحدى المشكلات العالمية التي تصيب الاقتصاد الدولي بالشلل إن لم يبادر إلى حلها.
وإذا كان فيما مضى نمط من التحدث بنعمة الله، واستجماع الجهود والطاقات لنجاح المبادرات لتأخذ عمقها في مظلة التعاون الإسلامي المثمر فإن إزجاء الشكر لمستحقه واجب إذ لا يشكر الله من لا يشكر الناس. فلا يخفى الدور الكبير للملكة العربية السعودية بقيادة رائدها وقائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – في توفير ما يتطلبه هذا المجمع من مقومات ودعم مستمر، ومن خلال العناية التي توليها المملكة لتنفيذ مشروعاته ونشر إنتاجه وهي مأثرة تتواءم مع حرص المملكة على تجلية مبادئ الإسلام ودعم روابطه وإمداد مؤسساته داخل وخارج العالم الإسلامي.
ولا يفوتني أن أشكر القائمين على المجمع فضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد والعالم الفاضل الشيخ الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة لجهودهما المبرورة في الإعداد للدورات والتفاني في توثيق علاقات المجمع بالمؤسسات المشابهة في شتى أنحاء العالم الإسلامي.
وفي الختام أسأل الله – عز وجل – أن يبارك في أوقات هذه الدورة وأن يعين أعضاء المجمع وخبراءه ورئاسته على أداء الأمانة التي حملوها للحفاظ على أصالة هذا الدين وتحقيق خصائص هذه الشريعة بما يجدد للأمة دينها ويبعث فيها النهضة ويستثمر صحوتها، ويحقق آمالها، إنه سميع مجيب. . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.