للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن في كل هذه الجهود المبذولة، والاجتهادات التي يصدر عنها المجمع في توصياته، محكمون للنصوص الثابتة القطعية، مقارنون بين الآراء الفقهية المذهبية في الأحكام الظنية مراعون للأحوال المتطورة والملابسات القائمة، حريصون على الاستفادة من الاختلاف بين الأئمة ونبذ الخلاف في الدين، وقد نادى معالي الشيخ محمد بن جبير وزير العدل بالحكومة السعودية في توصية له جزاه الله خيرا بوجوب التنسيق بين المجامع والهيئات والمراكز المماثلة لها، حتى لا تتفرق الأمة ولا يحصل خلاف في الدين، وإنا حين نشيد بموقفه ونثني عليه شاكرين له حماسه وصائب نظره وصدق موقفه، ندعوا أعضاء مجمعنا والهيئات المماثلة له كلها إلى وجوب التنسيق فيما بينها بتبادل الوثائق والدراسات والمجلات العلمية والنشرات، حتى تكون الآراء الصادرة عنها آراء دقيقة وسليمة قائمة على أساسين ضروريين في هذا الزمن هما: الاستيعاب الكامل وعمق النظر، ولعل ذلك مما تدفعنا إلى القيام به والتثبت منه السنة النبوية الشريفة، روى أبو عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) .

وإن مهمة المجمع ليست مقصورة على بيان الحلال والحرام في الأمور المشتبهات حماية للمسلمين بالذود عن شريعتهم والحفاظ على دينهم وتيسيرا عليهم بمراعاة ظروفهم وتحقيق مصالحهم، بل هي أشمل من ذلك وأوسع يكتنفها مبدءان أساسيان هما: الحيطة في الأمر، وواجب النصيحة، يتمثل الأول فيما حفظنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الخير طمأنينة والشر ريبة)) . ويتمثل الثاني فيما رواه تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم ((الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله، قال: لله عز وجل ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولأئمة المسلمين وعامتهم)) .

وإن على أعضاء المجمع وخبرائه أن يعملوا فرادى ومجتمعين على نشر الهدي الديني وتطبيق أحكام شريعة الله، وذلك بالسعي للقضاء على أنواع التحلل والتفسخ وبتثبيت الإيمان وتركيز الخلق الإسلامي في النفوس، وشد أواصر الأخوة وبيان ما على الإنسان من واجبات وماله من حقوق في نظر الإسلام وإقامة العدل بين الناس، وإن ذلك لن يتحقق في مجتمعات سطت عليها الانحرافات وغزاها الفكر الغربي بأسوأ مقوماته حتى يعود المسلمون إلى أصول مناهجهم الفكرية والتربوية. ويبرز ذلك في الآباء والأمهات وفي حياة الأسرة بما ينبغى أن يكون لديهم من التزام بالإسلام وغرس للقيم السامية الخلقية والمبادئ الفاضلة الدينية في الأطفال الذين ينشئون بينهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>