للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ولو باع أحد الشريكين في البناء حصته لأجنبي، لا يجوز، ولشريكه جاز " (١) .

ولضمان أداء الثمن المؤجل يجوز أن يطلب الممول رهنا من العميل، وبالإمكان أن يمسك مستندات ملك البيت كرهن عنده، وإن هذا الطريق لا غبار عليه شرعا، غير أن الممول لا يستطيع أن يقدم مثل هذه التمويلات إلا إذا كان على ثقة كاملة بأن العميل سوف يشتري منه ما سيتملكه الممول من البيت أو البناء، لأنه إن امتنع العميل من الشراء بعدما أنفق عليه الممول نفقات باهظة، فإن ذلك لا يحدث ضررا بالممول فحسب، بل سوف يخيب هذا النظام بأسره.

وبما أن البيع لا يجوز أن يضاف إلى زمن مستقبل، فلا بد لنجاح هذا الطريق أن يتعهد العميل مسبقا، بأنه يلتزم بشراء حصة الممول بعدما يمتلكها.

وإن هذا التعهد من العميل، وإن كان وعدا محضا، والوعد عند أكثر الفقهاء لا يكون ملزما في القضاء، ولكنَّ هناك عددا من الفقهاء جعلوا الوعد ملزما في الديانة والقضاء جميعا، وهو المذهب المشهور عند مالك رحمه الله، فإنه يجعل الوعد ملزما، لاسيما إذا دخل الموعود له بسببه في مؤنة، يقول الشيخ محمد عليش المالكي رحمه الله تعالى:

" فالوفاء بالعدة مطلوب بلا خلاف. واختلف في وجوب القضاء بها على أربعة أقوال حكاها ابن رشد في كتاب جامع البيوع، وفي كتاب العارية، وفي كتاب العدة، ونقلها عنه غير واحد. فقيل: يقضى بها مطلقا، وقيل: لا يقضى بها مطلقا، وقيل: يقضى بها إن كانت على سبب، وإن لم يدخل الموعود بسبب العدة في شيء كقولك أريد أن أتزوج. . . فأسلفني كذا. . . والرابع: يقضى بها إن كانت على سبب، ودخل الموعود بسبب العدة في شيء وهذا هو المشهور من الأقوال " (٢)

وقال القرافي رحمه الله تعالى: " قال سحنون: الذي يلزم من الوعد: اهدم دارك وأنا أسلفك ما تبني به، أو اخرج إلى الحج وأنا أسلفك، أو اشتر سلعة، أو تزوج امرأة وأنا أسلفك، لأنك أدخلته بوعدك في ذلك. أما مجرد الوعد، فلا يلزم الوفاء به، بل الوفاء به من مكارم الأخلاق. (٣) .


(١) رد المحتار: ٣/٣٦٥- كتاب الشركة.
(٢) فتح العلي المالك، للشيخ محمد عليش: ١/٢٥٦، مسائل الالتزام.
(٣) الفروق، للقرافي ٤: ٢٥، الفرق الرابع عشر بعد المائتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>