*أما البديل الأول: فهو (البيع المؤجل) وهو أن يتملك الممول بيتًا ثم يبيعه إلي العميل – وإني في عرضي هذا حينما أستعمل كلمة الممول أريد به من يقدم التمويل العقاري، وحينما أستعمل لفظ العميل فإني أقصد من يستفيد بذلك التمويل – فالبيع المؤجل هو أن يتملك الممول بيتًا ثم يبيعه للعميل بربح بيعًا مؤجلا، ويستلم منه الثمن بأقساط معلومة في عقد البيع، ويمكن أن يعقد هذا البيع المؤجل مطلقًا عن بيان نسبة الربح، وحينئذ يكون تعيين تلك النسبة بيد الممول، ويمكن أيضا أن يعقد البيع عن طريق المرابحة وذلك بأن يصرح في العقد بنسبة الربح الذي يتقاضاه الممول زائدا على تكاليفه الفعلية، فإن كان البيت موجودا عند التمويل ولا يحتاج إلى بناء، فللممول أن يشتريه ويبيعه إلى العميل بالطريق المذكور، وإن لم يكن هناك بيت مبني ويريد العميل أن يبنيه فحينئذ يستطيع الممول أن يوكل العميل ببناء البيت، ويكون بناؤه على ملك الممول وإنما يشرف عليه العميل كوكيل له، وحينما يتم البناء يبيعه الممول إلى العميل بيعا مؤجلا، وهذا إذا كان العميل لا يمكن له أن يستخدم شيئا من ماله نقدا في شراء البيت أو بنائه، أما إذا كان العميل يستطيع أن يقدم حصة من تكاليف البيت نقدا غير أن السيولة الموجودة عنده لا تفي بجميع النفقات اللازمة للشراء أو للبناء فيريد أن يطلب من الممول الحصة الباقية فقط كما هو الحال في أكثر التمويلات العقارية اليوم، فيمكن له أن يتملك جزءا من البيت بمال نفسه، بأن يقع شراء البيت مشتركا من الممول والعميل، فيقدم الممول نصف ثمن البيت – مثلا – ويقدم العميل النصف الآخر ويكون البيت بينهما مشاعا بالنصف، ثم يبيع الممول نصفه إلى العميل بيعا مؤجلا بثمن أكثر من الثمن الذي دفعه إلى بائع البيت، أما إذا كان المقصود بناء البيت على أرض خالية فيمكن استخدام نفس الطريق في شراء الأرض، بأن يقع شراؤها على سبيل الاشتراك بين الممول والعميل ثم يبيع الممول حصته في الأرض إلى العميل مؤجلا بثمن أكثر، فإن كانت الأرض مملوكة للعميل أو صارت ملكًا له بهذا الطريق المذكور وأراد العميل التمويل للبناء عليها، فإنه يمكن للممول والعميل أن يبنيا البيت على أساس المشاركة فيدفع هذا نصف نفقة البناء ويدفع ذاك النصف الآخر فيقع البناء مشاعا بينهما بالنصف، وحينما يتم البناء يمكن للممول أن يبيع حصته من البناء إلى شريكه العميل مؤجلا بربح، وبيع الرجل حصته في البناء إلى شريكه لانزاع في جوازه ـ ولضمان أداء الثمن المؤجل يجوز أن يطلب الممول رهنًا من العميل وبالإمكان أن يمسك مستندات ملك البيت كرهن عنده، وإن هذا الطريق لا غبار عليه شرعًا، غير أن الممول لا يستطيع أن يقدم مثل هذه التمويلات إلا إذا كان على ثقة كاملة بأن العميل سوف يشتري منه ما سيتملكه الممول من البيت أو البناء، لأنه إن امتنع العميل من الشراء بعدما أنفق عليه الممول نفقات باهظة فإن ذلك لا يحدث ضررا بالممول فحسب بل سوف يخيب هذا النظام بأسره، وبما أن البيع لا يجوز أن يضاف إلى ثمن المستقبل فلا بد لنجاح هذا الطريق أن يتعهد العميل مسبقًا بأنه يلتزم بشراء حصة الممول بعدما يمتلكها. وإن هذا التعهد من العميل، إن كان وعدًا محضًا، والوعد عند أكثر الفقهاء لا يكون ملزما في القضاء، ولكن هناك عددًا من الفقهاء جعلوا الوعد ملزمًا في الديانة والقضاء جميعًا، وهو المذهب المشهور عند مالك رحمه الله، فإنه يجعل الوعد ملزما، وقد أتيت ببعض النصوص الفقهية في هذا الصدد، لا حاجة بنا أن نقرأها لأن هذا الموضوع قد فرغ منه في الدورة السابقة للمجمع.