للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلاصة:

من هذا الذي قدمناه يتبين لنا أن طريق ثبوت الشهر:

أولًا: الرؤية البصرية للهلال بعد غروب الشمس: وهذه الرؤية لا تفيد اليقين وذلك لأمور:

١- احتمال الكذب وإن ما ظهر من العدالة والصدق هو رداء زائف وإن المخبر لا يتورع عن الكذب.

٢- احتمال خداع النظر نتيجة حديث النفس السابق والاقتناع بامكان الرؤية وهذا يقع فعلًا كثيرًا ما يتصور أمام ناظر العين ما لا وجود له إلا في عقل الرائى.

٣- احتمال خداع النظر من حالة العين فمن الأمراض التي تصيب العين أن تحدث شرارات يدركها النظر بعد حدوثها من الداخل ولا وجود لها في الخارج.

وأن الوقائع التي ذكرتها فيما سبق هي كاشفة عما يدخل الرؤية من احتمال الخطأ أو التخطئة.

وليس معنى هذا أن الرؤية لا يجب أن تعتمد بحال فهذا لا يقوله مؤمن ولكن الرؤية البصرية وسيلة اثبات لها حظها من الصحة وليست يقينية ونحن مطالبون بالعمل بالظن كلما تعذر اليقين فإن الظن لا يغني من الحق شيئًا.

ثانيا: الحساب: والحساب اليوم هو غير التنجيم وهو يقيني لا مجال للخطأ فيه إلا أن الحساب يجب أن يضبط بما جاء في الحديث الشريف وهو الرؤية فلا يثبت دخول الشهر بانفلات القمر بعد الاقتران وإنما يثبت دخول الشهر إذا بلغ الهلال بعد خروجه درجة تمكن رؤيته فيها وهي ثمان درجات حسبما يؤكد علماء الفلك والبصر.

ثالثًا: تبين بالتجربة الطويلة أن اعتماد الرؤية تسبب عنه اختلاف الأمة الإسلامية في مواعيد أعيادها ثم تعدى الخلاف إلى أهل البلد الواحد ثم استفحل الأمر أكثر فبلغ الشقاق أعضاء الأسرة الواحدة.

إن ما كان يسع أهل العصور السابقة من الاختلاف بينهم في هذا الأمر هو لا يقبل منا اليوم ذلك أن وسائل الاتصال زادت سرعتها فوحدت العالم كله في العلم بالأخبار.

إن اعتماد الرؤية كانت آثاره غير معقولة فسوريا ابتدأت الصيام هذه السنة يوم الأحد وهي تعتمد الرؤية والسعودية يوم الإثنين وهي تعتمد الرؤية والمغرب يوم الأربعاء وهي تعتمد الرؤية ومعلوم يقينيًا أنه لا يسبق أهل المشرق أهل المغرب والعكس هو الصحيح.

فتأخر المغرب إلى يوم الأربعاء وسبق سوريا بيوم الأحد ظاهرة غير مقبولة لها اثرها في نفس الشباب وتفضي حتمًا إلى أنواع الرفض أو السخرية والاستهزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>