للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الثانية:

وهي بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء، يرى جمهور الفقهاء جواز بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء، وذلك لعموم الأدلة القاضية بجواز البيع. قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} . وهو عام في إباحة سائر البياعات إلا ما خص بدليل، ولا يوجد دليل يخصص هذا العموم.

* الصورة الثالثة:

وهي تأجيل الدين الحالّ في مقابل زيادة: وهذه الصورة تدخل في باب الربا (إذ الربا المحرم شرعًا شيئان: ربا النساء، وربا التفاضل. وغالب ما كانت العرب تفعله، من قولها للتغريم: أتقضي أم تربي؟ فكان الغريم يزيد في المال، ويصبر الطالب عليه، وهذا كله محرم باتفاق الأمة) . قال الجصاص: " معلوم أن ربا الجاهلية إنما كان قرضًا مؤجلًا بزيادة مشروطة، فكانت الزيادة بدلًا من الأجل، فأبطله الله تعالى وحرمه، وقال: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ} ، وقال تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} حظر أن يؤخذ للأجل عوض. ولا خلاف أنه لو كان عليه ألف درهم حالّة، فقال له أجلني وأزيدك فيها مائة درهم، ولا يجوز، لأن المائة عوض عن الأجل (١)

والذي أرجحه في هذه المسألة: أنه إذا عرف لدى المتبايعين ثمن للبيع حالّ وثمن له مؤجل هو أكثر من الثمن الحالّ ثم تراضيا على إحدى الحالتين والثمن المعين فيها جاز

وقد جاء في فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية – طيب الله ثراه – أنه قد سئل عن شخص عنده صنف، دفع له فيه رجل ألفين ومائة بالوزن، ودفع له آخر ألفين وسبعمائة إلى أجل معلوم أثناء الحول فأجاب: " إن كان الذي يشتريها إلى أجل، يشتريها ليتجر فيها أو ينتفع بها جاز للبائع أن يبيعها إن شاء بالنقد إن شاء إلى أجل. وإن كان المشتري مقصده الدراهم، وهم يريد أن يبيعها إذا اشتراها ويأخذ الدراهم، فهذا يسمى (التورق) وهو مكروه في أظهر قولي العلماء " (٢) -

وإذا تبايعا بثمن معين واتفقا عليه ثم طلب المشتري من البائع أن يقسط له الثمن بدون زيادة في السعر الذي اتفقا عليه جاز ويلحق هذا الاتفاق بالعقد الأصلي.

أما إذا انعقد البيع على ثمن حال ثم طلب المشتري تأجيله أو تقسيطه ووافق البائع على ذلك بشرط زيادة في السعر فإن تلك الزيادة تكون ربا وهي حرام ولا عبرة بتسمية الزيادة فائدة أو اسمًا آخر فأن العبرة بالمعاني لا بالمسميات.


(١) الموسوعة الفقهية، الجزء الثاني- الصادرة من وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية: ص ٨٣ – ٨٤.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية، رحمه الله تعالى، جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصي النجدي الحنبلي رحمه الله، وساعده ابنه محمد وفقه الله: ٢٩/٥٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>