للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

التأخر في دفع الأقساط

زيادة الدين:

من المعلوم أن من ربا الجاهلية ربا الديون الناشئة عن بيع آجل، فكان إذا حل الموعد، وعجز المشتري المدين عن أداء الدين، تطبق القاعدة الجاهلية المعروفة: " إما أن تقضي وإما أن تربي ". وهذه القاعدة الجاهلية نراها في عصرنا، حيث يطبقها البائعون الذين لا يلتزمون بأحكام الشريعة الإسلامية، وعادة يطبق سعر الفائدة الذي تأخذه البنوك الربوية.

وأمر هؤلاء معلوم، والتحريم واضح جلي، ولكن الذين يريدون تحكيم شرع الله عز وجل ماذا يفعلون؟

فمن المشكلات الكبرى التي تؤثر في مسيرة المصارف الإسلامية عدم التزام كثير من المدينين بدفع أقساط الديون في مواعيدها المتفق عليها، وقليل من هؤلاء ذو عسرة، وأكثرهم يماطلون مع القدرة على الأداء نظرًا لأن المصارف الإسلامية لا تأخذ فوائد التأخير التي يلتزم بها هؤلاء مع البنوك الربوية.

وكثير من المصارف لم تجد علاجًا لهذه المشكلة، ووجدت حلا جزئيًّا في اللجوء إلى المزيد من الضمانات، غير أن بعض المصارف لجأت إلى حلول أخرى نرجو أن يقول المجمع فيها رأيه، ونذكر منها ما يأتي:

(أ) عند عجز المدين (المشتري) عن الدفع، وعلم المصرف بهذا، رأى – تقديرًا لظروفه ورأفة به – أن يدخل مع هذا المدين في شركة بقيمة الدين! وربما كان هذا التصرف يتعارض مع قول الحق تبارك وتعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} .

(ب) ومن المصارف من لجأ إلى إعادة الاتفاق على نسبة الربح، بحيث تزيد هذه النسبة لصالح المصرف تبعًا للزمن الذي يتأجل إليه الدفع.

ولعل هذا مثل إعادة جدولة الديون الربوية، وربما كان فيه شبه من المبدأ الجاهلي: " إما تقضي وإما أن تربي ".

(ج) وبعض المصارف الإسلامية – وهي ليست قليلة – استحدثت إلزام المدين المماطل دفع تعويض عن الضرر الذي ألحقه بالمصرف نتيجة مماطلته، وحجز المال عن الاستثمار وتحقيق الربح.

ولعل هذا الموضوع يحتاج إلى وقفة، نبين فيها وجهة نظر القائلين بهذا الرأي، المدافعين عنه وأثر هذا في التطبيق العملي.

<<  <  ج: ص:  >  >>