للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الأول

تعريف بيع التقسيط وأهمية بحثه

١-١ بيع التقسيط بيع مؤجل:

البيع في الفقه الإسلامي قد يكون معجل البَدَلَيْن (يدًا بيد) ، أو مؤجل البدلين (وهو من الكالئ بالكالئ) ، أو أحد بدليه معجلًا والآخر مؤجلًا، فإن عُجِّل الثمن وأُجِّل المبيع فهو بيع السَلَم (السلف) ، وإن عجل المبيع وأجل الثمن فهو بيع النسيئة.

وعلى هذا فإن البيوع المؤجلة تشتمل لفظًا على ما تأجل أحد بدليه أو كلاهما، وقد أجازت الشريعة تأجيل أحد البدلين إجازة صريحة، عندما أجازت الأحاديث النبوية الشريفة بيع السلم وبيع النسيئة.

وبيع التقسيط عبارة حادثة لمعاملة قديمة، فهو ليس إلا لونا من ألوان بيع النسيئة، إنه بيع يعجل فيه المبيع، ويتأجل الثمن، كله أو بعضه، على أقساط (= نجوم) معلومة، لآجال معلومة، وهذه الأقساط قد تكون منتظمة المدة، في كل سنة مثلًا قسط، أو غير ذلك، كما قد تكون متساوية المبلغ أو متزايدة أو متناقصة، وهذا معروف لدى المطلعين على طرق سداد الديون (= استهلاكها، إطفائها) .

والأقساط جمع قسط، والقسط في اللغة هو الحصة أو النصيب يقال: تقسطنا المال بيننا، أي أخذ كل منا نصيبه منه، والقسط أيضا: العدل يقال: أقسط الرجل فهو مقسط، أي عادل، ولعل بين المعنيين صلة، إذ النصيب يفترض فيه أن يكون عادلًا بوجه من الوجوه وإذا قال الفقهاء: إن للزمن قسطًا من الثمن، فإنما يعنون أن للزمن حصة عادلة من الثمن، ولكن الناس قد يجورون، فإذا جاروا فهو القسوط، ومنه القاسط: العادل عن العدل (الجائر) ، والمقسط: العادل (= مزيل الجور) الذي يزن بالقسطاس (= لغة في القسط، بمعنى الميزان) المستقيم.

هذا ولا يقصد ببيع التقسيط أن التقسيط هو المبيع، بل إن التقسيط هو طريقة البيع، أو بعبارة أدق: طريقة سداد ثمن البيع.

<<  <  ج: ص:  >  >>