(قوله على ظاهر المذهب) اعلم أن نفس اختلاف المطالع لا نزاع فيه بمعنى أنه قد يكون بين البلدتين بعد بحيث يطلع الهلال ليلة كذا في احدى البلدتين دون الأخرى وكذا مطالع الشمس لأن انفصال الهلال عن شعاع الشمس يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم أن تزول في المغرب وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس بل كلما تحركت الشمس درجة فتلك طلوع فجر لقوم وطلوع شمس لآخرين وغروب لبعض ونصف ليل لغيرهم كما في الزيلعي. وقدر البعد الذي تختلف فيه المطالع مسيرة شهر فأكثر على ما في القهستاني عن الجواهر اعتبارًا بقصة سليمان عليه السلام فإنه قد انتقل كل غدو ورواح من إقليم إلى إقليم وبينهما شهر آهـ.
ولا يخفى ما في هذا الاستدلال وفي شرح المنهاج للرملي وقد نبه التاج التبريزي على أن اختلاف المطالع لا يمكن في أقل من أربعة وعشرين فرسخًا وأفتى به الوالد والأوجه أنها تحديدية كما أفتى به أيضا آهـ فليحفظ.
وإنما الخلاف في اعتبار اختلاف المطالع بمعنى أنه هل يجب عل كل قوم اعتبار مطلعهم ولا يلزم أحدًا العمل بمطلع غيره أم لا يعتبر اختلافها بل يجب العمل بالأسبق رؤية حتى لو رؤي في المشرق ليلة الجمعة وفي المغرب ليلة السبت وجب على أهل المغرب العمل بما رآه أهل المشرق فقيل بالأول واعتمده الزيلعي وصاحب الفيض وهو الصحيح عند الشافعية لأن كل قوم مخاطبون بما عندهم كما في أوقات الصلاة وأيده في الدرر بما مر من عدم وجوب العشاء والوتر على فاقد وقتهما وظاهر الثاني وهو المعتمد عندنا وعند المالكية والحنابلة لتعلق الخطاب عامًا بمطلق الرؤية في حديث ((صوموا لرؤيته)) بخلاف أوقات الصلوات. وتمام تقريره في رسالتنا المذكورة.
تنبيه: يفهم من كلامهم في كتاب الحج أن اختلاف المطالع فيه معتبر فلا يلزمهم شئ لو ظهر أنه رؤي في بلدة أخرى قبلهم بيوم وهل يقال كذلك في حق الأضحية لغير الحجاج لم أره والظاهر نعم لأن اختلاف المطالع إنما يعتبر في الصوم لتعلقه بمطلق الرؤية. وهذا بخلاف الأضحية فالظاهر أنها كأوقات الصلوات يلزم كل قوم بما عندهم فتجزئ الأضحية في اليوم الثالث عشر وإن كان على رؤيا غيرهم هو الرابع عشر والله أعلم.
(قوله فيلزم) فاعله ضمير يعود إلى ثبوت الهلال أي هلال الصوم أو الفطر وأهل المشرق مفعوله؛ أو يلزم بضم الياء من الالزام مبني للمجهول وأهل المشرق نائب الفاعل وبرؤية متعلق بيلزم.
(قوله بطريق موجب) كأن يتحمل اثنان الشهادة أو يشهدا على حكم القاضي أو يستفيض الخبر بخلاف ما إذا اخبرا أن أهل بلدة كذا رأوه لأنه حكاية ح.
(قوله كما مر) أي عند قوله أشهد أنه شهد ح" (١) .
(١) حاشية رد المحتار على الدر المختار ج٢ ص٩٦ والإشارة ح إلى كتاب (حاشية الحلبي على الدر) مصادر المحتار.