تنبيه: قال في شرح المنهاج للرملي وقد نبه التاج التبريزي على أن اختلاف المطالع لا يمكن في أربعة وعشرين فرسخًا وأفتى به الوالد رحمه الله والأوجه أنها تحديدية كما أفتى به أيضا. انتهى.
(قلت) وذكر القهستانى عن الجواهر تحديده بمسيرة شهر فصاعدًا اعتبارًا بقصة سليمان عليه السلام قال فإنه انتقل كل غدو ورواح من إقليم إلى إقليم وبين كل منهما مسيرة شهر. انتهى.
وفي دلالة القصة على ذلك نظرٌ فالأول أولى لأن الظاهر من قوله لا يمكن إلخ أنه قدره بالقواعد الفلكية ولا مانع من اعتبارها هنا كاعتبارها في وقت الصلاة كما سيأتي.
(فتلخص) تحقق اختلاف المطالع وهذا مما لا نزاع فيه وإنما النزاع في أنه هل يعتبر أم لا؟
(قال) الإمام فخر الدين الزيلعي في شرحه على الكنز إذا رأى الهلال أهل بلدة ولم يره أهل بدة أخرى يجب أن يصوموا برؤية أولئك كيفما كان على قوله من قال لا عبرة باختلاف المطالع وعلى قول من اعتبره ينظر أن كان بينهما تفاوت بحيث لا تختلف المطالع يجب وإن كان بحيث يختلف فأكثر المشايخ على أنه لا يعتبر حتى إذا صام أهل بلدة ثلاثين يومًا وأهل بلدة أخرى تسعة وعشرين يومًا يجب عليهم قضاء يوم والأشبه أن يعتبر لأن كل قوم مخاطبون بما عندهم وانفصال الهلال عن شعاع الشمس في المشرق لا يلزم أن تزول في المغرب وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس كلما تحركت درجة فتلك طلوع فجر لقوم وطلوع شمس لآخرين وغروب لبعض ونصف ليل لغيرهم.
وروي أن أبا موسى الضرير الفقيه صاحب المختصر قدم الأسكندرية فسئل عمن صعد على منارة الأسكندرية فيرى الشمس بزمان طويل بعد ما غربت عندهم في البلد أيحل له أن يفطر فقال: لا، ويحل لأهل البلد إذْ كلٌ مخاطب بما عنده.
(والدليل) على اعتبار المطالع ما روي عن كُريب أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام قال: "قدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل شهر رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيت الهلال؟ فقلت: ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم." رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجة. انتهى.
(وما) أختاره من اختلاف المطالع هو المعتمد عند الشافعية على ما صححه الإمام النووي في المنهاج عملًا بالحديث المذكور (قال) الرملي في شرحه عليه: ولا نظر إلى أن اعتبار المطالع يحوج إلى حساب وتحكيم المنجمين مع اعتباره في التوابع والأمور الخاصة. انتهى.
(قلت) على أن عدم اعتباره فيما مر إنما هو لمخالفته نص الحديث المعلق وجوب الصوم والفطر على الرؤية دون الحساب ولا مخالفة هنا فيه لنص بل هو موافق النص المذكور عن ابن عباس وللنص المعلق فيه الوجوب على الرؤية بناءً على اعتبار الوجوب في حق كل قوم برؤيتهم كما في اعتباره في أوقات الصلاة فهذا مؤيد لما اختاره الزيلعي من اعتبار اختلاف المطالع.