للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال) في الفتاوى التتارخانية وعليه فتوى الفقيه أبي الليث وبه كان يفتي الإمام الحلواني وكله يقول لو رآه أهل المغرب يجب الصوم على أهل المشرق. انتهى.

(وفي) الخلاصة وهو ظاهر المذهب وعليه الفتوى (قال) في فتح القدير ثم إنما يلزم متأخري الرؤية إذا ثبت عندهم رؤية أولئك بطريق موجب حتى لو شهد جماعة أن أهل بلد كذا رأوا هلال رمضان قبلكم بيوم فصاموا وهذا اليوم ثلاثون بحسابهم ولم ير هؤلاء الهلال لا يباح فطر غد ولا تترك التراويح هذه الليلة لأن هذه الجماعة لم يشهدوا بالرؤية ولا على شهادة غيرهم وإنما حكوا رؤية غيرهم.

ولو شهدوا أن قاضى بلدة كذا شهد عنده اثنان برؤية الهلال في ليلة كذا وقضى بشهادتهما جاز لهذا القاضى أن يحكم بشهادتهما لأن قضاء القاضي حجة وقد شهدوا به. انتهى.

قلت: لكن قال في الذخيرة البرهانية ما نصه قال شمس الإئمة الحلواني رحمة الله تعالى الصحيح من مذهب أصحابنا رحمهم الله تعالى أن الخبر إذا استفاض وتحقق فيما بين أهل البلدة الأخرى يلزمهم حكم هذه البلدة. انتهى.

ونقل مثله الشيخ حسن الشرنبلالي في حاشية الدرر عن المفتي وعزاه في الدّر المختار إلى المجتبى وغيره مع أن هذه الاستفاضة ليس فيها حكم ولا شهادة لكن لما كانت الاستفاضة بمنزلة الخبر المتواتر وقد ثبت بها أن أهل تلك البلدة صاموا يوم كذا لزم العمل بها لأن المراد بها بلدة فيها حاكم شرعي كما هو العادة في البلاد الإسلامية فلا بد أن يكون صومهم مبنيًا على حكم حاكمهم الشرعي فكانت تلك الاستفاضة بمعنى نقل الحكم المذكور وهي أقوى من الشهادة بأن أهل تلك البلدة رأوا الهلال يوم كذا وصاموا يوم كذا فإنها مجرد شهادة لا تفيد اليقين فلذا لم تقبل إلا إذا شهدت على الحكم أو على شهادة غيرهم لتكون شهادة معتبرة وإلا فهي مجرد إخبار. أما الاستفاضة فإنها تفيد اليقين كما قلنا ولذا قالوا إذا استفاض وتحقق الخ. فلا ينافي ما تقدم عن فتح القدير ولو سلم وجود المنافاة فالعمل على ما صرحوا بتصحيحه والإمام الحلواني من أجل مشايخ المذهب وقد صرح بأنه الصحيح من مذهب أصحابنا. وكتبت فيما علقته على البحر أن المراد بالاستفاضة تواتر الخبر من الواردين من تلك البلدة إلى البلدة الأخرى لا مجرد الاستفاضة لأنها قد تكون مبنية على إخبار رجل واحد فيشيع الخبر عنه ولا شك أن هذا لا يكفي بدليل قولهم إذا استفاض الخبر وتحقق فإن التحقيق لا يكون إلا بما ذكرنا والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>