٣- وروى الدارقطني " أن رجلا شهد عند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - برؤية هلال رمضان، فصام، وأمر الناس أن يصوموا".
وهذا الحديث يبين أن عليا - وهو الخليفة الرابع - قبل شهادة رجل واحد لا يدري عدالته من شيء. وهو نص صريح على قبول شهادة الواحد.
(ب) وقال الفريق الآخر: أن الشهادة المقبولة في رؤية هلال رمضان شهادة شاهدي عدل فأكثر ومن هذا الفريق: الإمام مالك، والليث، والأوزاعي، والثوري، والأحناف، والهادوية. واستدلوا على مذهبهم بحديثين هما:
عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب (أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه، فقال:" ألا إني جالست أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وساءلتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وأنسكوا لها فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يوما، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا لرؤيته وأفطروا)) . رواه أحمد والنسائي ولم يقل (مسلمان) .
٢- وعن أمير مكة - الحرث بن حاطب - أنه قال: " عهد إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننسك للرؤية، فإن لم نره وشهد شاهد عدل نسكنا بشهادتهما ". رواه أبو داود، والدارقطني.
ومحل شاهد قول الفريق هو لفظة ((أنسكوا لها)) أي للرؤية في الحديث الأول، ولفظة " أن ننسك للرؤية " في الحديث الثاني، ومعناهما: الاهتمام للرؤية اهتماما أكثر من الاهتمام لإكمال العدة.
وهناك شاهد أقرب إلى المراد، وهو قوله في الأول:((فإن شهد شاهدان فصوموا)) . وقوله: " فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما".
فمن هنا أخذوا أن شهادة الاثنين لا بد منها لإثبات رمضان بالرؤية وليس لهم دليل في هذا إلا في مفهومه التقديري.
هذه أدلة الفريقين في قبول شهادة رؤية الهلال كما ترى فإذا قارنا فيما بينهما مقارنة بسيطة يتبين لنا الأقوى منهما.
لقد استدل الفريق الأول بالأحاديث الثالثة السابقة وهي ظاهرة الدلالة؛ لأن الحديث الأول يدل دلالة واضحة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة عدل واحد، وهو ابن عمر - رضي الله عنه.
وأن الحديث الثاني يدل مثل دلالة الأول على أنه - صلى الله عليه وسلم - قبل شهادة أعرابي مجهول العدالة لا يدري من أخلاقه شيئا إلا أنه شهد عند النبي الشهادتين.