هذا أصلها أما بعد أن ألفها الناس وسالت في الأسواق تداولا ووفاءً من الدولة وعليها العمل بين الناس ولمس المتعاملون بها مزيتها في الخفة وسهولة النقل، فقد تنوسي – كما ذكرنا – فيها هذا الأصل السندي واكتسبت في نظر الجميع واعتبارهم وعرفهم صفة النقد المعدني وسيولته بلا فرق فوجب لذلك اعتبارها بمثابة الفلوس الرائجة من المعادن غير الذهب والفضة، تلك الفلوس التي اكتسبت صفة النقدية بالوضع والعرف والاصطلاح حتى إنها وإن لم تكن ذهبًا أو فضة لتعتبر حسب القيمة التي لها بمثابة أجزاء للوحدة النقدية الذهبية التي تسمى: دينارًا أو ليرة أو جنيهًا ذهبيًّا، بحسب اختلاف التسمية العرفية بين البلاد للوحدة من النقود المسكوكة الذهبية. هذه حال الفلوس الرائجة من المعادن المختلفة غير الذهب والفضة بالنظر الشرعي، وهو الصفة التي يجب إعطاؤها في نظرنا للأوراق النقدية (البنكنوت) فتبديل جنس منها كالدينار الكويتي الورقي أو الليرة السورية أو اللبنانية مثلاً بجنس آخر كالجنيه المصري أو الإِسترليني أو الدولار الأمريكي مثلا يعتبر كالمصارفة بين الذهب والفضة والفلوس المعدنية الرائجة على السواء.
والقاعدة الفقهية في هذه المصارفة أنه عند اختلاف الجنس يجوز التفاضل في المقدار بين العوضين ولكن يجب التفابض في المجلس من الجانبين، منعًا للربا المنصوص عليه في الحديث النبوي.
وبهذا التخريج يستبعد اعتبار عملية التحويل المصرفي بين جنسين من هذه الأوراق من قبيل بيع الدين بالدين وإنما هي مبادلة بين نقود فيها تحويل وصرف في وقت واحد.
٢- بناء على ما سبق نقول: إن اعتبار الأوراق النقدية كما ذكرنا (نقودًا وضعية اصطلاحية) يقتضي في التحويل من جنس إلى آخر منها أن يتم تقابض العوضين في مجلس التحويل نظرًا لأن هذا التحويل بين جنسين من هذه النقود يتضمن مصارفة والصرف يشترط لصحته التقابض وهذا يقتضي أن يدفع طالب التحويل إلى المصرف الأوراق النقدية التي يحملها وأن يصرفها بالأوراق النقدية من الجنس الآخر المطلوب ويقبضها بالفعل من المصرف، ثم يسلمها إليه قرضًا ليوفيه في البلد الآخر من هذا الجنس الثاني، أي يجب فك عملية التحويل بين جنسين مختلفين من هذه الأوراق إلى عمليتين: مصارفة أولاً يقع فيها التقابض، وسفتجة ثانيًا يدفع فيها مبلغا من جنس ويستوفى نظيره من الجنس نفسه في البلد الآخر.