للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوكالة فإنها ذات جانبين: وكالة من المصرف للطالب ووكالة من المصرف القابض إلى المصرف الدافع والإشكال الوارد على العملية هو التقابض هل يتم بتسلم الشيك أم لا؟

لقد ذهب كثير من الباحثين المعاصرين إلى أن تسلم الشيك قبض لمحتواه وبالتالي يعتبر الصرف صحيحًا لتوفر شرطه (١) .

وإنما يعتبر قبض الشيك قبضًا لمحتواه لأنه يحاط بمضانات وضوابط تجعل القابض له مالكًا لمحتواه، ويستطيع أن يتصرف فيه فيبيع به ويشتري ويهب ويستطيع أن يظهر الشيك إلى آخر إذا مارس أي عملية من بيع أو شراء ونحوها. . .

كما أن من الضوابط التي تدعم الثقة بالشيك ما يلي:

(أ) اعتبار إصداره من غير رصيد جريمة يعاقب عليها.

(ب) كون الشيك غير مؤجل، بل يتم صرفه بمجرد تقديمه بخلاف الأوراق التجارية الأخرى، فإن الأجل لازم لها ومن طبيعتها غالبًا.

وذلك لا يمنع من دخول الأجل في الشيك أو انتفائه في الأوراق التجارية الأخرى ولكني يجب أن لا يدخل الأجل في الشيك – إلا الأجل الذي لا بد منه لانتقال المستفيد إلى البلد الذي يرغب تحويل النقد إليه – إذا ترجح هذا الحكم لأن الأجل يدخل العملية في ربا النسيئة.

ويدعي ما ذهب إليه هؤلاء الباحثون أن الأوراق النقدية كانت في بداية نشأتها سندات لحاملها حتى شاعت بين الناس وكان يدفع للراغب في استبدالها ذهبًا أو فضة حسب الغطاء ولكن ذلك تلاشى شيئًا فشيئًا مع انتشارها ورواجها وثقة الناس بها.

وبذلك تقترب الأوراق التجارية من الأوراق النقدية خاصة الشيكات – والسياحيّة منها خاصّة – إذ هي تحرر على شكل فئات معينة ومتساوية أما بقية الأوراق التجارية فتحرر على أرقام متفاوتة حسب ما تقتضيه المعاملة التي استدعت تحريرها.

وقد اشترط بعض العلماء في اقتران الصرف بالحوالة ثبوت الدين قبل الحوالة واعتبروه شرط صحة لها، قال بعض الفقهاء في تبريره: (احترز به – بثبوت دين لازم – في صرف دينار بدراهم وأحال غريمه عليها فلا تصح لعدم المناجزة في الصرف وهو يوجب فسخه فالدراهم لم تلزم المحال عليه (٢) . وهذه تشبه الصورة الجارية في البنوك، ولكن هذا الفريق من العلماء فسروا ثبوت الدّيْن بما يستفاد منه أن الصرف المستقبل للشيك لا يضره عدم مديونيته المباشرة عن طريق وجود حساب للمصرف المرسل للشيك بل يكفي في ذلك ثبوت الدين ببينة أو إقرار.


(١) انظر المعاملات المصرفية والربوية، د. نور الدين عتر: ص ٣٨، ٣٩، النقود والمصارف، د. عوف الكفراوي: ص ٤٧، موقف الشريعة من المصارف الإسلامية المعاصرة. د. عبد السلام العبادي ص ٢٤٣، السالوس: استبدال النقود والعملات: ص ١٦٤ وما بعدها.
(٢) فتاوى الشيخ عليش: ٣ / ٢٣٠. انظر ما نقله عن المدونة بخصوص عدم الممانعة من اجتماع الحوالة مع بقية الديون ما عدا الدين الثابت من الصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>