للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويمكن القول في ضوء ما تقدم أن قبض الشيك قبض لمحتواه إذا لم يدون فيه تاريخ وأجل التسلم. اهـ (١) .

ويتأيد قول من قال بأن قبض الشيك قبض لمحتواه بما اعتبره العلماء في باب الزكاة قبضًا من أن الدين على مليء في حكم المقبوض حيث أوجبوا الزكاة فيه.

قال في الإنصاف بصدد الكلام عن زكاة الدين على مليء: (الحوالة به والإبراء منه كالقبض على الصحيح من المذهب وقيل إن جعل وفاء كالقبض وإلا فلا) (٢) .

وجاء في الأموال لأبي عبيد عن ابن عمر رضي الله عنهما: (وما كان من دين على ثقة فزكه) (٣) .

وقال الزيلعي: (ولو كان الدين على مقرٍّ تجب – أي الزكاة – لأنه يمكنه الوصول إليه ابتداء أو بواسطة التحصيل) . اهـ (٤) .

وقد ورد عن الإمام مالك مسألة هبة الدين لغير من هو عليه (قلت – سحنون – فإن وهبت لرجل ديناً لي على رجل آخر قال: قال مالك: إذًا أشهد له وجمع بينه وبين غريمه ودفع إليه ذكر الحق فهو قد قبض) (٥) .

وقال أبو عبيد بعد أن عرض أقوال العلماء في زكاة الدين: أما الذي أختاره من هذا فالأخير بالأحاديث العالية التي ذكرناها عن عمر وعثمان وجابر وابن عمر ثم قول التابعين بعد ذلك الحسن وإبراهيم وجابر بن زيد ومجاهد وميمون بن مهران أن يزكيه في كل عام مع ماله الحاضر إذا كان الدين على الأملياء المأمونين لأن هذا حينئذ بمنزلة ما بيده وفي بيته. اهـ. (٦) .

وبعد فلو ذهبنا نستعرض كل ما قاله علماء الشريعة الإسلامية وعلماء الاقتصاد الإسلامي لخرجنا من محيط الإفادة والتصور إلى محيط التكرار الممل. وبناءً على ذلك أكتفي بما أوردته من نقول عن أهل العلم في الموضوع نفسه وألخص ذلك فيما يلي:

أولا: يكاد الإجماع ينعقد بين جميع من تحدث عن الشيك وخصائصه وأحكامه على أن قبضه قبض لمحتواه إذا كان محتواه في ذمة المسحوب عليه حيث إن الضمانات المتاحة لحماية حق المستفيد من الشيك أبلغ من الضمانات المتاحة لحماية ثمنية الأوراق النقدية المجمع على اعتبارها نقدًا موجبًا للإبراء العام والقابلية المطلقة.


(١) رسالة جماعية للشيخ ستر الجعيد.
(٢) المرداوي: ٣ / ١٨.
(٣) الأموال لأبي عبيد: ٣٨٨.
(٤) تبيين الحقائق: ١ / ٢٥٦.
(٥) المدونة: ١٤ / ٤٦.
(٦) الأموال: ٣٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>