فأول هذين الحديثين يدل دلالة واضحة أن الصحابيين الجليلين أمرا الوالي أن يجيز شهادة رجل واحد مستور العدالة مسندين أمرهم هذا إلى ما سمعا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا الحديث في سنده راو ضعيف الرواية بالاتفاق قلا يقيد لهم ولا لغيرهم شيئا لضعفه، والحديث الثاني يدل ما دلت عليه الأحاديث السابقة.
وهنك أثر آخر هو من أدلة الفريق فنذكره نافلة وهو ما رواه أحمد في سنده حديثا يزيد بن هارون: أنبأنا ورقاء عن عبد الأعلى الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: " كنت مع البراء بن عازب وعمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - في البقيع ننظر إلى الهلال فأقبل راكب فتلقاه عمر، فقال: من أين جئت؟ قال: من المغرب. قال: أهللت؟ قال: نعم. قال عمر: الله أكبر، إنما يكفي المسلمين الرجل الواحد". قيل: أن عبد الأعلى هذا متكلم فيه.
فإن صح هذا الأثر من عمر فإنه يدل ما دلت عليه أحاديث الفريق.
وقالوا عن الحديثين اللذين استدل بهما الفريق الآحر ما يلي: أن التصريح بالاثنين في كلا الحديثين غاية ما فيه المنع من قبول الواحد المفهوم، وأحاديثنا تدل على قبول الواحد بالمنطوق، وإن دلالة المنطوق أقوى وأرجح من دلالة المفهوم.
وأما احتمال شهادة ثان وثالث مع شهادة الواحد الذي استدللناه فتعسف وتجويز، ولو صح اعتبار مثله لكان مفضيا إلى طرح أكثر الشريعة.
أما الفريق الثاني القائل: شهادة العدل الواحد عير مقبولة) فقالوا: أن دليلنا على ذلك الحديثان السابقان ومحل الشاهد في الحديثين كما قلنا سابقا كلمتي: ((أنسكوا لها)) أي: الرؤية، " أن ننسك للرؤية " وقوله: " فإن شهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما " فكأنهم فهموا منه (فإن لم نره - ونحن الأمراء - ولم بشهد عندنا شاهدا عدل لا ننسك بشهادة واحد ولا نصوم بها) لكنه مفهوم لا يوافقه الظاهر.