(أ) ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا عبرة باختلاف المطالع في مسألة ثبوت الهلال. فقالوا: إذا رأى الهلال أهل بلد وجب الصوم على جميع البلدان؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)) .
لأن الخطاب فيه عام لجميع الأمة، فمن رآه منهم - في أي مكان كان - رؤية مسائية فرؤيته رؤية لهم جميعا.
وقد قال عمر - رضي الله عنه - قولته السابقة كما في مسند الإمام أحمد:" الله أكبر إنما يكفي المسلمين الرجل الواحد ". وذلك بعدما شهد عنده راكب واحد برؤية هلال رمضان.
(ب) وذهب عكرمة، والقاسم بن محمد، وسالم، وإسحاق، وقول للأحناف، وقول مختار للشافعية: أنه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم، واستدلوا على ذلك بحديث كريب، ونصه: عن كريب، أن أم الفضل بعثته إلى معاوية بالشام فقال:" قدمت الشام، فقضيت حاجتها، واستهل رمضان وأنا بالشام في آخر الشهر، فسألني عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتم الهلال؟ يعني هلال رمضان، فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقال: نعم، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية. فقال: لكنا رأيناه يوم السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه. فقلت: ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم. " رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
وقد استدل بهذا الحديث كل من قال: لا يلزم أهل بلد رؤية أهل بلد آخر، ولكنهم اختلفوا في ذلك على مذاهب كما ذكرها صاحب الفتح:
١- قال قوم منهم: يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم ولا تلزمهم رؤية غيرهم، حكاه ابن المنذر عن كل من: عكرمة، والقاسم، وسالم، وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه. وحكاه المناوي وجها للشافعي، ولعل أن هذا القول حديثا آخر.