للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ وهبه الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم:

المعروف أن لدى فقهائنا أربعة آراء في هذا الموضوع، فرأي الشافعية أنه لا يجوز بيع الشيء قبل قبضه إطلاقا لوجود الغرر ورأي أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يجوز بيع العقار قبل القبض لانتفاء غرر الانفساخ فيه ولا يجوز ما عدا ذلك، والمالكية لا يجيزون بيع المكيل والموزون قبل القبض، ويجوز بيع ما عدا ذلك فهم يجيزون بيع ما عدا الطعام قبل القبض ولا يجيزون بيع الطعام قبل قبضه هذا ما هو المعروف لدى فقهائنا، أريد التذكير فقط والكل يعرف ذلك، لكني شدِهْت في أن المناقشات تدور الآن حول اتجاهين: أحدهما في أقصى اليمين والآخر في أقصى اليسار، اتجاه يمنع بيع الشيء قبل قبضه احتراما للأحاديث الواردة الصحيحة في هذا الموضوع وواضح أن فقهنا كله ينبني على هذا الاتجاه، أما الاتجاه الآخر وهو جواز بيع الأشياء كلها قبل القبض ما عدا الطعام يعني – هذا رأي المالكية الحقيقة – هذا يفتح منفذا خطيرا يؤدي إلى إقرار كل ما تجيزه القوانين الحديثة من المضاربات الكثيرة في البورصات وفي الأسواق المالية ويؤدي ذلك إلى أننا لا نختلف أي اختلاف عن هذه الأعراف السائدة فلا يجوز أن يكون ضغط المعاملات الحديثة مغيرا لأحكام الشريعة فأرجو التوسط والتمهل في الأمر وعدم التعجل أو إلقاء النظرة العاجلة في هذا الموضوع لأنه يؤدي إلى مخاطر وهو ينسف كثيرا من القواعد التي يقوم عليها فقهنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>