للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم رجوع الموجب:

لم نجد نصًّا جليًّا على حكم رجوع الموجب في التعاقد بين الغائبين، أما بين الحاضرين فهناك كلام طويل ساقه الحطاب وغيره، وها نحن نذكره بطوله للوقوف من خلال عرض مسائله المختلفة على حكمه بين المتعاقدين الغائبين.

* أولًا: في بيع المساومة، قال سحنون عن ابن نافع عن مالك في الرجل يسوم الدابة، فيقول له رجل تبيعني بكذا وكذا، فيقول لا أفعل إلا بكذا، فيقول له المشتري انقصني دينارًا، فيقول لا أنقص فيقول له المشتري قد أخذتها بما قلت إنه يلزم ذلك البيع البائع وليس له أن يرجع. ابن رشد: هذه مسألة صحيحة لا اختلاف فيها إذا تبين بتردد المماسكة أنه مجد في السوم غير لاعب (١) .

المسألة الثانية في المساومة: أن من أوقف سلعته في السوق للسوم فقال له شخص: بكم تبيعها؟ فقال صاحب السلعة: بمائة مثلًا، فقال المشتري: أخذتها بها، فقال صاحب السلعة: ما أردت البيع وإنما أردت اختبار ثمنها أو كنت لاعبًا ونحو ذلك.

فإنه يحلف أنه ما أراد إيجاب البيع، فإن حلف لم يلزمه البيع، وإن لم يحلف لزمه.

وهذا قول مالك في كتاب الغرر. المدونة (٢) .

ومن سماع أشهب من كتاب العيوب أن البيع يلزمه وليس له أن يأبى (٣) .

وقال أبو بكر الأيدي: إن كان الذي سمّى قدر قيمة السلعة وكانت تباع بمثله لزمهما البيع فإن كان لا يشبه أن يكون ذلك ثمنها حلف أنه لاعب ولم يلزم. انتهى، فالأقوال ثلاثة (٤) .

وقال ابن رشد: إن هذه الأقوال إنما هي في السلعة الموقوفة للسوم ولو لم تكن موقوفة للسوم فإنه يقبل قول ربها أنه كان لاعبًا ويحلف على ذلك ولا يلزم البيع إلا أن يتبين صدق قوله فتسقط عنه اليمين (٥) .

معنى تسوَّق أوقفها للسوم في السوق، والظاهر أن المراد بالسوق سوق تلك السلعة، وأما سوق غيرها فحكمه حكم غير السوق (٦) .

هذا الذي تقدم حكم بيع المساومة، وهو إيقاف الرجل سلعته ليساومه فيها من أرادها.


(١) مواهب الجليل: ٤/٢٣٢، ٢٣٣.
(٢) المواهب: ٤/٢٣٣.
(٣) المواهب: ٤/٢١٣.
(٤) المواهب: ٤/٢٣٣.
(٥) المواهب: ٤/٢٣٤.
(٦) المواهب: ٤/٢٣٦، ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>