للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أعظم مقاصد القرآن الكريم والشرع الحكيم في التوقيت بالأهلة هو اتفاق الأمة في عباداتهم من صيامهم وحجهم وأعيادهم ما أمكن الاتفاق، إذ هذا من السهل الميسر، متى سلكوا مسالكه وأخذوا بعزائمه.

فلو جرى المسلمون على نصوص الكتاب والسنة في إثبات الأهلة بطريق اليقين من الرؤية بأن يراه عدد من العدول المعروفين بالأمانة والصدق فيصومون برؤيتم ويفطرون برؤيتهم على يقين من امر دينهم لكان أفضل في حقهم من هذا الاختلاف الواقع بينهم في صومهم وأعيادهم لأنهم في هذا الزمان اخذوا يتساهلون في تصحيح الشهادة وتمحيص العدالة على خاصة الأهلة، وصار كل شاهد بالهلال فمقبول الشهادة بدون أن يعرفوا ثقته وعدالته ونجم عن هذا التساهل أن صاروا يشهدون به في وقت مستحلية رؤيته فيه ويشهدون به الليلة ثم لا يراه الناس الليلة الثانية من كل ما يحقق بطلان شهادتهم، فدخل على الناس بسبب هذا التساهل شيء من الخطأ في هذه العبادة فصاروا يصومون شيئا من شعبان ويفطرون شيئا من رمضان.

وبسببه وقع الاختلاف بين أهل الإسلام في صومهم وعيدهم، لأنه متى كان بعض أهل الإسلام يعتمدون في صومهم وعيدهم على الرؤية المحققة التي يشهد بها عدد من العدول الذين لا يمكن تواطؤهم على الكذب فيصومون برؤيتهم ويفطرون برؤيتهم، وهؤلاء هم أسعد الناس بالصواب في هذه القضية.

<<  <  ج: ص:  >  >>