للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم في إثبات رمضان دخولا وخروجا

من الفقهاء من قال: يجب صوم رمضان برؤية عدل ثقة وثبات الفطر بشهادة عدلين، كما هو الظاهر من مذهب الحنابلة، وعندهم انه متى ثبت الهلال في بلد لزم جميع الناس الصوم وهي من مفردات المذهب.

ومنهم من قال يجب الصوم بشهادة عدلين والفطر بشهادة عدلين ايضا، كما هو الظاهر من مذهب مالك والشافعي، واستدلوا لذلك بحديث ابن عمر، قال: ((تراءى الناس الهلال على عهد رسول الله، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه)) . رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن حبان.

وعن ابن عباس أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني رأيت الهلال، فقال: ((أتشهد أن لا اله إلا الله)) قال: نعم، قال: ((أتشهد أن محمدا رسول الله؟)) قال: نعم، قال: ((فاذن في الناس يا بلال أن يصوموا غدا)) رواه الخمسة وصححه ابن خزيمة وابن حبان ورجح النسائي وقفه.

أما الإمام أبو حنيفة، فإنه يشترط في حالة الصحو الاستفاضة بأن يراه عدد من العدول لا يمكن تواطؤهم على الكذب، ويقول: إنه لا يمكن أن ينظر جميع الناس إلى مطلع الهلال وابصارهم متساوية والموانع منتفية، ثم يراه واحد واثنان دون الباقين. أما في حالة الغيم فيقبل عنده شاهد واحد ... انتهى. وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وإنما فرق من فرق من الفقهاء بين هلال الصوم والفطر لقصد سد الذريعة بأن لا يدعي الفساق انهم رأو الهلال لتعجلوا بذلك الفطر وهم بعد لم يروه.

والكلام هنا يرجع إلى حقيقة الإثبات وعدمه، إذ ما كل ما قيل إنه رؤي في بلد كذا أن يكون صحيحا ثابتا ولا كون مدعى الرؤية عدلا صادقا.

فقد ذكر الفقهاء لصحة الشهادة على الهلال كونه يشهد به عدلان ثقتان، ثم هم يفسرون العلة المطلوبة لصحة الشهادة بأنها التزام فرائض الصلوات الخمس بسننها الراتبة واجتناب المحارم، بأن لا يأتي كبيرة ولا يدمن على صغيرة، والثانية استعمال المروءة وهي فعل ما يجمله ويزينه واجتناب ما يدنسه ويشينه، فهذه الشروط أن لم تدرك كلها فلن تترك كلها..

<<  <  ج: ص:  >  >>