للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الخطيب الشربيني، في تفسيره: أنوار التنزيل، قال: أن منازل القمر ثمانية وعشرون وأسماءها: السرطان والبطين.. الخ.

قال: وهذه المنازل مقسومة على البروج هي اثنا عشر برجا لكل برج منزلان وثلث، فينزل القمر منها كل ليلة منزلا ثم يستتر ليلتين أن كان ثلاثين أو ليلة واحدة إن كان تسعا وعشرين.

وقال في تفسير المنار على الآية المذكورة:

قال: أن الله قدر للقمر في سيره في فلكه منازل ينزل كل ليلة في منزل منها لا يخطئه ولا يتخطاه وهي ثمانية وعشرون معروفة تسميها العرب بأسماء النجوم المحاذية لها وهي ثمانية وعشرون: السرطان والبطين وذكر بقية النجوم، ثم قال: فهذه المنازل الثمانية والعشرون هي التي يرى فيها القمر بالأبصار، ثم يبقى ليلتان أن كان الشهر ثلاثين أو ليلة واحدة أن كان تسعا وعشرين يحتجب فيها عن الأبصار فلا يرى أبدا.

وقال شيخ الإسلام – ابن تيمية – رحمه الله:

قال: أن القمر يجرى في منازله الثمانية والعشرين كما قدره الله منازل، ثم يقرب من الشمس فيستتر ليلة أو ليلتين لمحاذاته لها، فإذا خرج من تحتها جعل الله فيه النور، ثم يزداد نوره كلما بعد عنها إلى أن يقابلها ليلة الإبدار، ثم ينقص كلما قرب منها إلى أن يجامعها، ولهذا يقولون الاجتماع، وأهل الحساب يسمونه اجتماع القرصين الذي هو وقت الاستسرار، كما يعرف بذلك وقت الكسوف والخسوف، فإن الشمس لا تكسف في سنة الله إلا عند الاستسرار إذا وقع القمر بينها وبين ابصار الناس على محاذاة مضبوطة، كما أن القمر لا يخسف إلا في ليالي الإبدار لتحول الأرض بينه وبين الشمس، فمعرفة الكسوف والخسوف تدرك بالحساب الصحيح.

قال: وأهل الحساب يرون بأنهم يعرفون طلوع الهلال بأنه عند غروب الشمس يكون قد فارقها بعشر درجات أو أقل أو اكثر أما كونه يرى أو لا يرى فهو امر حسي طبيعي يحققه وجوده ليس حسابيا، والأمر الشرعي في الصوم والفطر إنما يترتب على الرؤية المحققة لا على الحساب، انتهى (١) .

وقال الراغب الأصبهاني في غريب القرآن، قال: والسرار هو اليوم الذي يستسر فيه القمر آخر الشهر وقال في نهاية ابن الاثير، قال الأزهري: يقال سرار الشهر وسرره وهو آخر ليلة استسر فيها الهلال بنور الشمس، وقال في مختار الصحاح: استسر القمر أي خفي ليلة السرار وربما كان ليلة وربما كان ليلتين.

وقال في لسان العرب: استسر القمر إذا خفى ليلة السرار، وربما كان ليلة وربما كان ليلتين، قال الشاعر:

نحن صبحنا عامرا في دارها عشية الهلال أو سرارها

قال: وحكى عن الكسائي وغيره، انه قال: السرار آخر الشهر ليلة يستسر الهلال.

وقال أبو عبيدة: ربما استسر ليلة وربما استسر ليلتين.. انتهى. وبهذا يتبين أن استسرار القمر آخر الشهر ليلة أو ليلتين انه من الأمر الثابت شبه المجمع عليه عند المحققين من سائر العلماء، وقد أجرى الله العادة به واستقر في نفوس الناس معرفته فمتى رآه الناس صباحا عرفوا تمام المعرفة انه لن يهل مساء أبدا ولا تنخرم هذه العادة التي هي بمثابة القاعدة، بدعوى الرؤية الكاذبة، وما كل ما يقال انه رؤي في بلد كذا أن يكون صحيحا واقعا لوقوع الفرق شرعا وعرفا بين الخبر واليقين، والله أعلم.


(١) من رسالة "بيان الهدى من الغلال في شأن الهلال" – ص:٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>