للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد يأتي واحد ويقول هنا: البيع في الإسلام فيه خيار الشرط، وأجازه الأئمة الأعلام؟ نعم يوجد خيار الشرط، ولكن ما معنى خيار الشرط في البيع في الفقه الإسلامي؟ عندنا خيار المجلس وخيار الرؤية وخيار التعيين وخيار العيب وهكذا، خيارات مختلفة، البيعان بالخيار ما لم يتفرقا.

إن خيار الشرط يعني أن البائع عندما يبيع السلعة يسلم ويتسلم المشتري، قد يشترط المشتري الخيار مدة يوم أو يومين أو ثلاثة مثلا، بحيث إنه في هذه المدة يشاور، قد يكون اشتراه لغيره فيسأل غيره، قد يكون على غير دراية بالسوق، فيقول هنا لي خيار يوم أو يومين أو ثلاثة حتى أبحث هل السعر مناسب أم لا؟ والبائع كذلك قد يجعل خيارا لنفسه، وخيار الشرط يعني أن المدة إذا انقضت ولم ينفسخ البيع فإن البيع تام كما هو، لا زيادة ولا نقصان ولا تعويض، إذا جاء المشتري في مدة الخيار وفسخ البيع أخذ البائع سلعته وأخذ المشتري الثمن. إذا جاء البائع وكان له حق الخيار – خيار الشرط – وأراد أن يسترد سلعته أخذها ورد الثمن.

هذا معنى خيار الشرط، إنما خيار بمعنى إلا سلعة ولا ثمن، وأن هناك تخمينا وتظننا أن السعر قد يكون كذا، فهذا أشبه في الحقيقة بموائد القمار، لأن الهدف الأساسي هنا هو المضاربة كما يقولون، ولكن الواقع أنها المقامرة: المترجمون ترجموا الكلمة إلى العربية بكلمة مضاربة، لأن المترجمين أيضا لا يعرفون معنى المضاربة الإسلامية، ولذلك وجدنا أن بعض المسلمين الذين فهموا معنى مضاربة إسلامية عندما جاءوا للترجمة قالوا نسمي هذه متاجرة، وأقول: إنها ليست متاجرة، إلا إذا اعتبرنا القمار نوعا من التجارة، فإنه لا تسلم ولا تسليم وتسليم ولا بيع ولا شراء، وإنما كل واحد يضارب الآخر على الصعود أو الهبوط، أي يقامره.

وأنتقل بعد هذا لبيان صورة أخرى من صور التعامل في البرصة وهي: أن يحدد سعر أدنى وأعلى للبيع أو الشراء، على أن يكون للمشتري أو للبائع الخيار ... في ماذا؟ السعر مثلا اتفق على أنه من سبعين إلى ثمانين والخيار للمشتري، والخيار للمشتري يعني إما أن يبيع بسبعين وإما أن يشتري بثمانين. معنى هذا أن المشتري عندما يأتي وقت التصفية إما أن يظل مشتريا، وإما أن يتحول إلى بائع، والبائع يتحول إلى مشتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>