ترجع التجربة التونسية المعاصرة في ميدان الأوراق المالية إلى أواخر النصف الأول من القرن الحادي الميلادي حيث بدأ ظهور إصدار السندات خاصة من طرف البنوك وتكثيف في إصدار الأسهم لشركات المساهمة. وأدى ذلك وفي عهد الحماية إلى تقنين المعاملات المالية عبر بعث الديوان التونسي لتسعير الأوراق المالية أو ما كان يسمى بالقيم المنقولة بأمر ٢٣ أبريل (نيسان) ١٩٤٥.
لقد كان الديوان التونسي للتسعير في شكل مؤسسة خاصة تعمل حسب قانون جمعية الوسطاء المرخص لها من طرف وزارة المالية وشملت هذه الجمعية في سنة ١٩٦٨ عشر مؤسسات أغلبها بنكية ويديرها مكتب منتخب من مهامه تسيير ومراقبة التداول وتسجيل الإحالات المباشرة الخاصة بأوراق الشركات غير المسعرة وتبين الإحصاءات المتعلقة بنشاط ديوان التسعير. وكانت عمليات التسجيل تمثل ٩٠ % من الحجم الكلي للمعاملات فأصبح شبة قباضة تسجيل مالية وابتعد كل البعد عن الغرض الذي بعث من أجله والذي يرمي أساسا لتشجيع الادخار وتنمية روح المبادرة عند المستثمرين ومواجهة متطلبات تمويل مخططات لتنمية التي فرضتها التحولات التي عرفها الاقتصاد التونسي خاصة مع بداية عهد الاستقلال. وجب عندئذ البحث عن أنجع الطرق لخلق عادات جديدة لرصد الادخار في الدورة الاقتصادية وتغيير عقلية المواطن بتشريكه مباشرة في تمويل المشاريع التي اقتضاها هذا الظرف ومحاربة الأشكال المتوازنة للادخار التي كانت لا تتعدى رصد متبقي الدخل في المجال العقاري أو الفلاحي أو حتى تجميده نقدا.
وفي هذا الاتجاه بالذات وقع تطوير السوق المالية وإحداث بورصة قصد إعطاء هذه السوق فاعلية الكافية وحظوظ النمو بإصدار القانون ١٣/٦٩ المؤرخ في ٢٨ فبراير (شباط) ١٩٦٩.
١- السوق المالية والبورصة بين ١٩٦٩ و ١٩٨٩:
أوكل القانون الجديد لسنة ١٩٦٩ اختصاصات جاءت في شكل أهداف يستدعي بلوغها وهو ما نص عليه الفصل الثاني من القانون المشار إليه وهي:
- تنظيم وتسيير سوق الأوراق المالية.
- تحقيق المعاملات بشأن تلك الأوراق في أحسن الظروف من حيث حسن السير والسرعة.
- تسهيل البحثعن رءوس أموال جديدة للشركات
- السعي والتشجيع لجمع وتوفير الادخار برصد المال في الأوراق المالية.
ويمكن درس التجربة التونسية بالتعرض إلى جانبي السوق أي السوق الأولية والسوق الثانوية.
١-١ السوق الأولية:
يقع إصدار الأوراق المالية من طرف المؤسسات بدون قيود في تونس فيما عدا إلزام إعلام البورصة بذلك. وفيما يخص الأسهم تصدر الأوراق بالقيمة الاسمية، وحسب قانون الشركات يعين القسط الذي يقع دفعه عند الإصدار مسبقا ولا يقل عن ربع القيمة ويقع دفع البقية حسب أقساط تحددها الشركة ولا يتعدى الأجل لتسديد كل قيمة المساهمة الخمس سنوات.