إن سيرورة الخوصصة تمضي على هذا المنوال هنا وهناك في العالم أجمع وتطرح المشكلة كذلك على مستوى الدولة الغنية كما هو الحال في بريطانيا العظمى. وتطرحها أكثر في بلداننا الناشئة لأن هذه الخوصصات ينبغي ألا تؤدي إلى تبديد الخيرات العمومية ولا إلى تراجع الاستثمارات ولا إلى تمركز الندوات. وهذه الشروط الثلاثة تصحب توفيرها في كل بلد على حدة. وإذا رجعنا إلى مثال المغرب فإننا نلاحظ الخوصصة تستهدف كثيرا من المقاولات العمومية.
والسؤال الأول الذي يفرض نفسه هو: من المستفيد من هذه الخوصصة وبأي ثمن؟
إننا نعلم يقينا أنه إذا كانت الدولة ترفض التمركز حريصة على بيع خيراتها بثمن مرتفع فلا بد من تمديد الخوصصة على فترة طويلة، الشيء الذي يحد مع مرور الزمن من مجهوداتها في مجال ترتيب نفقاتها، إلا أن أي عرض كبير في الوقت الراهن يؤدي لا محالة إلى انهيار الأثمان وإلى تمركز لصالح أشخاص معينين، ويكمن مبرر هذه المخاطرة الكبيرة في الضعف الشديد الذي يطبع السوق المالي المغربي العاجز عن استيعاب عرض كامن وفير، ويتضح هذا الضعف من خلال تحليل سوق القيم بالدار البيضاء.
بورصة الدار البيضاء:
أنشئت هذه المؤسسة بنص القانون الصادر يوم الأربعاء ١٤ ديسمبر (كانون الأول) ١٩٦٧، وحسب هذا القانون تتمثل مهمتها في تحريك الادخار ونشر رأسمال الشركات المنتجة، ولكن البورصة في أيامنا تعتبر وسيلة للبرالية الاقتصادية وأكثر فأكثر وسيلة لتقديم أنشطة المقاولات وميزانا للاقتصاد في مجمله.
وسوف نوضح فيما بعد أن بورصة القيم بالدار البيضاء، بعيدة أن مثل آلية كاملة من شأنها أن تمكن المقاولة المغربية من الاستفادة من مزاياها المختلفة، وعجزها عن القيام بمهماتها الرئيسية إنما هو راجع أساسا إلى نمط السير الخاص بها، وهذا ما سنتناوله أولا ثم نعكف على تحليل كمي لنشاطها ثانيا.
أولا- سير سوق البورصة المغربية:
يدور التحليل هنا حول مسألتين أساسيتين هما:
- أهمية القيم التي يتم تداولها في السوق.
- خصوصيات القائمين بالعمليات الطالبين منهم والعارضين.