للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسم الله الرحمن الرحيم

إهداء وشكر وتقدير

يسرني أن أقدم هذا العمل الذي يقصد به وجه الله المعبود من كل شيء في الوجود، إلى هذا النفر الكريم من أهل العلم والمتوافدين من شتى أنحاء العالم الإسلامي الناهض للصعود.

كما أقدم الشكر الخالص لمجمع الفقه الإسلامي برئاسته وأمانته العامة على الاهتمام باحتياجات الأمة الإسلامية والنظر في إيجاد الحلول المعاصرة لمشاكل التنمية والنهوض الاقتصادي القائم على أساس من شريعة الله المبنية على العدل والرحمة والإحسان.

ويمثل موضوع الندوة المتعلق بالأسواق المالية بابا من أهم الأبواب التي يقع على عاتق العلماء والاقتصاديين أن يتصدوا لها بالفهم والصبر والعمل. فليس المال بالنسبة لمجموعة الأمة مجرد متاع دنيوي زائل كما هو بالنسبة للأفراد وإنما هو ثروة تحمي الكيان وترد العدوان.

لذلك كان حفظ المال بالمنظور الاجتماعي أمرا يرقى إلى درجة المنع من تصرف المالك فيما يملكه إذا كان ذلك التصرف يؤدي إلى إتلاف هذا المال الذي هو من مال المجتمع في المآل وإن كان مملوكا لفرد أو أفراد في الواقع الحال.

يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز:

{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} .

أما بالنسبة لموضوع الأسواق المالية، فإن هذا المصطلح هو من المفاهيم الجديدة المطروحة على بساط البحث الفقهي. ذلك أن السوق هو مكان التقاء الناس بالمفهوم العام أو مكان التقاء العرض بالطلب بالمفهوم الخاص لكي يتم التبادل من العارضين والطالبين.

وقد كانت أسواق السلع والبضائع موجودة ومعروفة من قبل الإسلام، حيث نظم النبي صلى الله عليه وسلم بعد الإسلام أحوالها وبيوعها وطريقة العرض والمساومة وانعقاد البيع إلى آخر ما هنالك من علاقات.

أما أسواق المال فهي لم تكن معروفة بالمفهوم الذي تعرفه المجتمعات في هذه الأيام. ومن هنا فإن أسواق المال العالمية القائمة في المراكز الدولية ولدت وتطورات خارج نطاق الضوابط الشرعية، فكانت أدواتها خليطا من الأدوات الجائزة والأدوات الممنوعة بحسب المعايير الإسلامية في التمييز بين الحلال والحرام.

ولما كان العالم الإسلامي يعيش في واقعه المعاصر على هامش التبعية للدول الصناعية المتقدمة، وحيث إن أسواق رأس المال تعتبر في أي نظام مالي هي قمة الهرم المتكامل في سقف البناء الاقتصادي المتطور، فإن الأمر المؤسف حقا أن يكون هذا العالم الإسلامي - رغم اتساع رقعته وكثرة خيراته وموارده - خاليا من أي تنظيم أو تخطيط لتمهيد الوجود لقيام سوق لرأس المال الإسلامي.

وقد استتبع ذلك الأمر أن تخلو ساحة هذا العالم الإسلامي من الأدوات التي تشكل أساس قيام هذه السوق التي كانت ستشد الأواصر بين مختلف دول العالم الإسلامي المشتتة الاتجاه والوجود

فالدول الإسلامية الغنية برأس المال مضطرة للارتماء على أبواب البنوك والمؤسسات المالية المتطورة في خارج العالم الإسلامي بحجة عدم وجود المؤسسات القادرة في الداخل على استيعاب الزخم المالي الفائض عن قدرة الاستيعاب والاستثمار.

<<  <  ج: ص:  >  >>