للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن الأسئلة الحائرة في موضوع الشركة المساهمة قضية المسئولية المحدودة. فإن من أهم ما تتميز به الصيغة المذكورة هو أن مسئولية حملة الأسهم (الشركاء) المالية محدودة بما دفعوه قيمة اسمية للسهم ولا تمتد لأموالهم الخاصة الأخرى. وللشركة شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الشركاء. فإذا اقترضت ثم قصرت في الوفاء بالدين ولم تكف أصولها لتغطية ما عليها من التزامات لم يجز – في ظل القوانين الحاضرة – أن يطالب المساهمون بمساعدتها. وهذه الصيغة غير معروفة في الفقه الإسلامي. وقد قال بعضهم إن لها سابقة في الفقه، فقال هي شبيهة بحال رب المال في عقد المضاربة وبالوقف. فرب المال في عقد المضاربة مسئوليته محدودة بما قدم من مال للمضارب ولكن هذا قياس مع الفارق فالشريك وإن كانت مسئوليته محدودة بما قدم في عقد المضاربة، لكن المسئولية على مستوى المجتمع لا تضيع، فالعامل إن كان رب العمل قد اشترط عليه شروطا ثم خالفها فهو مسئول، ومنها تحميل الشركة من الديون وما يفوق إمكانياتها الحقيقية. ثم هل لشركة المضاربة ذمة مالية مستقلة؟ أم أن ذمتها هي ذمة العامل ومن ثم لم تعد المسئولية مضيعة؟ أما الوقف فله ذمة مالية مستقلة وكذلك المسجد وبيت المال وقد بين الخفيف (الشركات لعلي الخفيف) والخياط (الشركات لعبد العزيز عزت الخياط) كيف أن فكرة الذمة المالية التي تعطي لغير الإنسان (شخصية اعتبارية) ليست غريبة على الفقه الإسلامي فهي واضحة المعالم في الوقف والمسجد وفي بيت المال فالوقف مثلا يخرج من ذمة المتبرع به ولا يدخل في ذمة المستفيد بل يبقى مستقلا، ويتحمل الالتزامات المالية مستقلا عن ناظره. ولكن يبقى أن فكرة الذمة المستقلة والشخصية الاعتبارية جديدة في العمل التجاري ليس لها سابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>