للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٨) وقد كنت نبهت في مناقشات موضوع أطفال الأنابيب في الدورة الثانية لمجمع الفقه الإسلامي التي عقدت في جدة سنة ١٤٠٧ هـ- ١٩٨٦م إلى ضرورة بحث حكم الأجنة الفائضة عن الحاجة، فقلت في أثناء المناقشة (في الواقع لا أريد أن أكرر ما دار من نقاش، فقط أحب أن أشير إلى موضوع لم يوقف عنده في المناقشة، وهو الأمر الذي يجري الآن بالنسبة لأطفال الأنابيب بأخذ أكثر من بويضة وإعداد أكثر من جنين لتسهيل عملية الحصول على الولد، والتي تسمى الأجنة المجمدة: ما وقفنا عند هذه القضية ... وهي موضوع بداية الحياة ... هناك كثير من الآراء الفقهية الآن خاصة في موضوع الحديث عن الإجهاض تصر على أن بداية الحياة هي من لحظة اتحاد الحيوان المنوي بالبويضة، وبالتالي إذا أخذنا اللقيحة الأولى المرشحة ووضعناها في الرحم وتم الإنجاب، تلك ستتلف أو ستذهب إلى الاختبارات العلمية: فما هو حكم الإجهاز عليها؟ هل هذا يرشح قيداً جديداً على الذين أجازوا (أي عملية أطفال الأنابيب) بأن تتم العملية بالتدريج، بويضة بحيوان منوي، فإذا فشلت بدأنا بالعملية من جديد، وأنه لا يجوز أن تحضر مجموعة كبيرة من الأجنة، نقتل غير الناجح منها أو غير ما تم زرعه في الرحم وتم منه الولد، خاصة أن عملية الإجهاض الآن عملية نعاني منها معاناة كبيرة، وأيضاً تسبب محاذير كثيرة، فإذا أجزنا عملية قتل الأجنة في هذه الحالة بعد أن نأخذ منها واحداً (أو أكثر) وتتم عملية الولادة فإننا يجب أن. نأخذ هذا المنحى أيضاً في موضوع الإجهاض، أنبيح عملية قتل الأجنة في المراحل الأولى، وهو ما يتحفظ بعض العلماء عليه كثيراً في هذه الأيام؟) (١)

والواقع أن القرار قد صدر في الدورة الثالثة في موضوع أطفال الأنابيب دون إشارة لموضوع الأجنة المجمدة ... وقد قلت في الدورة الرابعة منبهاً إلى ضرورة بحث أو وضع بعض القيود على القول بالجواز بخصوص أطفال الأنابيب (بالإضافة إلى ما قرر من شروط) : قضية اللقائح المرشحة- وهذا تحفظ كنت أشرت إليه في بحث أطفال الأنابيب (في الدورة الثانية ولم ينبه عليه في الدورة الثالثة) - لا بد من إضافة قيد: أن لا يكون هنالك ترشيح لعدد كبير من اللقائح، لأنه حتى لو لم نستخدم منها في زرع الأعضاء فإننا قد ندخل في دائرة القتل فيما إذا سمحنا للأطباء بعد ذلك أن يتلفوها، أو لابد أن تكون اللقائح المرشحة بالقدر الذي يفي بعملية أطفال الأنابيب حتى لا تتولد عنها لقائح فيها الحياة، ثم بعد ذلك نقتلها أو نتيح للأطباء أن يفكروا في عملية الاستفادة منها في زرع الأعضاء (٢)

ذلك أن احترام الحياة الإنسانية يقتضي باتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة لمنع ظاهرة الأجنة الفائضة بحيث لا يلقح من البويضات إلا ما سوف يزرع في الرحم.


(١) مجلة الفقه الإسلامي، العدد الثاني: ١/٣٦٧- ٣٦٨.
(٢) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الرابع: ١/ ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>