وهنا أود أن أذكر شيئا، أن الحساب الفلكي لم يصل حتى الآن في تحديد الأشهر القمرية. مثلا، الأشهر القمرية شهر ٣٠ وشهر ٢٩ فيه شهرين يأتوا ٢٩ وراء بعض، كما درست في علم الفلك في الأزهر الشريف فهمت أن تحديد الشهر كونه ٣٠ أو كونه ٢٩ لم يصل إليه الفلك. كذلك لم يصل الحساب الفلكي إلى معرفة الشهرين اللذين هما ٢٩ وراء بعض إلا بالرؤية أما بالحساب فلم يصل ذلك قد درست هذا، والعالم والحساب الفلكي في الأشهر القمرية العربية هو حساب ظني، لكن الرؤية قطعية لا مجال للاختلاف فيها والرسول صلى الله عليه وسلم شرع لنا ذلك في عباداتنا. لا يجوز أن نقول إننا ننطلق إلى الحساب، لا بأس من أن نسترشد بذلك على أساس أنه ليس حكما شرعيا لأننا مقيدون بالأحكام الشرعية التي وردت في الكتاب السنة والأصول التي اتفق عليها الفقهاء.. أما قول الأمية، الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} . تأمرون بالمعروف أي تفيضون على العالم بالعلم والحكة لتخرجوه من الظلمات إلى النور. فقول الرسول صلى الله عليه وسلم:((إننا أمة أمية)) بمعنى أن هذه الأمة الأمية ستقود العالم إلى الخير وإلى العلم وإلى المعرفة، فهي كلمة فيها إعجاز، كرامة لهذه الأمة التي تبدل العالم من ظلم إلى عدل إلى رحمة إلى تقدم إلى فضل إلى كمال، هذه هي الأمة الأمية وليست علة أنها أمة "كذا وكذا" ولا تعرف أن تبدأ الشهر القمري، هذا كلام لا يقال، البدء بالشهر القمري الرؤية وحي من الله ولن يستطيع العلم ولن يستطيع الحساب الذي قلتم عنه إنه قطعي، أقول إنه ظني ولم يصل حتى الآن في تحديد الأشهر القمرية ولا معرفة الشهر ٣٠ من الشهر ٢٩ أو الشهرين ٢٩ وراء بعض واسألوا بذلك علماء الفلك، فكلهم يطلع علينا بالمفكرات المتناقضة، يحسبون مقدما ثم يختلفون في المفكرات، لا تكون مفكرة مثل الأخرى لأن الحساب العلمي لم يصل إلى درجة القطع في الشهور القمرية لأنه لأمر أراده الله أن تكون الأشهر القمرية ثبوتها بالرؤية وتعلق الصوم والعبادات بها وبناؤها على الرؤية، وهذا أمر لا يجوز لنا أن نجتهد فيه ولا يجوز لنا أن نسمع، فيه حكا شرعيا مادام الحكم (إن غم) بسبب الأحوال الجوية نكمل ثلاثين يوما وانتهي الأمر.. هذا من ناحية إثبات الأهلة.. شيء واضح لم يختلف فيه العلماء بالرؤية من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يومنا هذا. الأمة الإسلامية كانت أعلم الأمم تقود العالم بالعلم في العصور الماضية، في العصر العباسي وفى الأندلس ما جاء واحد من العلماء وقال نحن كنا أميين وصرنا علماء إذن بودنا نحى الرؤية، هذا أمر لا يقوله مسلم أبدا.
الناحية الثانية: هي ما اجتمعنا لأجله وهو توحيد الشهور القمرية.. طبعا كما ذكر إخواني العلماء المطالع تختلف وما يثبت في بلد لا يثبت في بلد غيره، أما أن العلماء قد اختلفوا في ذلك وبعضهم يقول: أن اختلاف المطالع لا يؤثر، وهذا حكم قاله الحنفية والحنابلة وفى هذا العصر أن ثبت في بلد في دقيقة واحدة يعلم العالم بهذا الخبر، فيمكن أن نجتهد في توحيد الشهور القمرية حتى يجتمع المسلمون في عباداتهم في صومهم وفى حجهم. طبعا الحج هو العبرة بثبوت الرؤية في مكة المكرمة وفي بلاد الحجاز لأنها إذا ثبتت وجب على المسلمين جميعا أن يقوموا بذلك وأن يحجوا في اليوم التاسع حسب ثبوت الهلال في البلاد الحجازية هذا أمر لم يختلف فيه العلماء أبدا، لكن لا مانع من أن نجتهد في توحيد الشهور القمرية حتى يتحد المسلمون، وإن لم نجمع على ذلك من عظمة الإسلام ومن كرامة الإسلام الاختلاف وليس فوضى أبدا، هذا من عظمة الإسلام، اختلاف المطالع والصوم ليس فيه فوضى أبدا. ويجب حينما نتكلم عن أحكامنا وعما ثبت في أحكامنا أن نتكلم بالاحترام والتقديس لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. وشكرا لكم.