ولا شك أن القرن العشرين شهد زخماً علمياً لم تشهده البشرية من قبل، وأدى ذلك إلى زرع أعضاء لم يكن في استطاعة أحد أن يفكر في زرعها، وذلك مثل زرع الكلى والقلب والرئتين والكبد والبنكرياس وأخيراً الدماغ والأعضاء التناسلية.
ومنذ أن انتشر استخدام نقل الدم أصدر الفقهاء الأجلاء فتاواهم بإباحة ذلك، كما أباحوا تشريح الجثث ثم ظهرت الفتاوى العديدة من دار الإفتاء المصرية التي تبيح زرع الجلد وزرع القرنية وزرع الأعضاء وفي ٥ صفر ١٤٠٠هـ، أصدرت لجنة الفتوى بوزارة الأوقاف قرارها رقم ٣٢/ ٧٩ بإباحة زرع الأعضاء من المتبرع الحي أو الميت. وفي ٦/ ٤٠٢/١١ اهـ صدر قرار هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية بإباحة زرع الأعضاء وأصدر المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة ٤٠٧اهـ قراره بإباحة زرع الأعضاء.
ولم يتعرض الفقهاء حتى عام ٤٠٥اهـ لموضوع موت الدماغ. وكانت الفتاوى السابقة الصادرة بإباحة أخذ الأعضاء من الموتى مبنية على أن الشخص المتبرع قد مات وتوقف قلبه عن العمل تماماً.
ومنذ ذلك العام بداً المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي ببحث تلك المسألة، ثم بحثها مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وقد بحثها في دورته الثانية عام ١٤٠٦ هـ، ثم في دورته الثالثة عام ٤٠٧اهـ، وأصدر قراره التاريخي رقم (٥) باعتبار موت الدماغ مساوياً لموت القلب.
وقام مجمع الفقه الإسلامي في دورته الرابعة ٤٠٨اهـ ببحث موضوع زرع الأعضاء وأصدر قراره رقم (١) د ٤/٠٨/٨٨، بإباحة زرع الأعضاء وذلك بإباحة الزرع الذاتي، كما أباح الزرع من شخص آخر حي بشرط تبرعه بذلك وأن لا يلحقه ضرر وأن يكون المتبرع كامل الأهلية، كما أباح المجمع الزرع من الموتى بشرط أن يكون قد أذنوا قبل ذلك أثناء حياتهم أو أذن ورثتهم بذلك أو أذن ولي أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أولا ورثة له وذلك كله بشرط عدم بيع الأعضاء.