للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثة أوضحت بأن أسرار كلمات الله أعظم من أن يحيط بها المخلوق الضعيف العاجز عن تحصين نفسه مما خلقت مهددة به من مرض، وموت وعقم.

ومن هنا يكون من حسنات المؤسسات الإسلامية العلمية اليوم ملاحقة المستجدات العصرية، التي تبرز للإنسان باستمرار اختراعات علمية تجنبه كثيراً من الأمراض والعاهات والأضرار.

إلا أنه من واجب علماء الإسلام في كل مكان الوقوف بشجاعة وحزم أمام ما لا يتقيد بأوامر الله منها، ومن هنا وجب علينا الشكر الجزيل للمجمع الفقهي بجدة وللمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، على تنظيم هذه الندوة للنظر في حالات أصبحت شائعة، من حيث التجارب العلمية، دون أن يعرف الكثيرون حكم الله في بعضها. ولا بد من القول بأن أحكام الكثير منها لا بد أن تبقى اجتهادية بسبب جدة الواقعة نفسها، وهذا أيضاً يسوق إلى القول بضرورة فتح باب الاجتهاد من جديد، لأن أسباب فتحه في الماضي توفرت اليوم، فأيام دولة الإسلام المشرقة خلفت للإنسانية تراثاً علمياً رائعاً أتى نتيجة غناء تعاليم الإسلام وعمق نظرياته وصلاحيتها لكل زمان ومكان وأيضاً بعد اختلاط الأجناس، وامتزاج الحضارات مع بعضها البعض في تلك الفترة عقب انتشار الإسلام، واختلاطه، بالحضارات الأجنبية عليه، وما تبع ذلك من مواجهة مشكلات لم تحفظ نصوص في شأنها، مما حمل العلماء على الاجتهاد، واستخدام شتى وسائل المعرفة والعقل، والحكمة والتبصر حتى استخرجوا لها أحكاماً من فحوى خطاب الشرع، هذه حقائق نعتز بها نحن المسلمين، لأنها مكنتنا من التعمق في فهم كتاب الله العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه.. وبذلك أدرك المسلمون المعاني البعيدة على عقول البشر، لحظة نزول قول الله عز وجل: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الآية ٣٨ من سورة الأنعام] ، وقوله جل جلاله: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} [الآية ١٠٩ من سورة الكهف] .

<<  <  ج: ص:  >  >>