وأيضاً فلا يمكن أن يحسب هذا العمل إلا من باب الاستخفاف بحرمة أوامر الله الذي كرم الإنسان وحرم النيل من عرضه أو جسمه، وأيضاً إلا يحق لنا أن نتساءل عن إمكانية إيجاد الملاءمة بين عملية استئصال الرحم أو بعض الغدد التناسلية منه، وبين إجراء عملية للعقم المتعمد؟
إن هذا النوع من العمليات لا ينسجم وتقسيم الله العادل في الأرحام، وإذا كان بدون شك مظهراً من مظاهر التقدم العلمي، فإنه سيجر إلى مشاكل بشرية من المصلحة التخلي عنها سداً للذرائع، وما يمكن أن تجر إليه من انتهاك تغيير خلق الله في البشرية. لقد اعتبر الطبري كل التغييرات التي تجري على جسم الإنسان حراماً ولا تجوز، إلا في الحدود المحدودة شرعاً، ورأى أن كل عمل يمس الأجسام من غير ذلك يعتبر كبيرة، واستند في ذلك على الأحاديث الكثيرة، التي وردت بصيغة لعنة المغيرات خلق الله، وإذا جرى خلاف في علة تلك اللعنة، هل هي لعلة التدليس، أم الغش أم الزور، فإن الإجماع حاصل بلعنة من فعلت ذلك.
ونص الحديث بالعموم الذي ورد عليه لا يترك مجإلا للشك في أن كل عمل حقير أو جليل استهدف تغيير خلق الله في الآدمي استوجب فاعله لعنة الله بحكم دعاء سيد الوجود محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج البخاري ومسلم:((لعن الله الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والواشرة والمستوشرة)) ، واللفظ لمسلم. ووصل المرأة شعرها هو أن ينضاف إليه شيء آخر يكثر به، والواصلة هي التي تفعل ذلك، والمستوصلة هي التي تستدعي من يفعل ذلك بها.
والمزروع فيها الرحم لا شك أنها داخلة في لعنة الواصلة، فقد غيرت خلق الله بنزع خلية في جسمها، واستبدالها بأخرى من غيره، ثم هي واصلة لأنها ضمت جسما غريبا عن جسمها إليه، والوصل في اللغة ضم شيء إلى شيء، وتغيير الخلق لا يعني ما ظهر من الجسم فقط، بل إنما يعني ما قاله الطبري بأنه كل عمل نتج عنه تغيير خلق الله أصبح فاعله تابعاً للشيطان ضالا بحكم الآية الكريمة.