للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم أن موقف الشرع كان واضحاً ومحدداً منذ البداية في إباحة زراعة ونقل الأعضاء الحيوية من شخص إلى آخر شريطة أن تكون حياة الشخص المنقولة له في خطر ولا يصاب الشخص المنقول منه بأي ضرر من جراء ذلك، إلا أن بعض العلماء قد تناسوا هذه الحقيقة وأصبحوا ينشدون النجاح والمجد في المجالات التي لم تطرق بعد وفكروا في أشياء يمكن للإنسان أن يعيش محروماً منها لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، فهو موزع الأرزاق والنعم، وخير مثال لذلك هو محاولة زراعة الأعضاء التناسلية ونقل الأعضاء التناسلية، الذي قد يثير المناقشات والجدال متأرجحاً بين مؤيد ومعارض مما يؤدي في النهاية إلى رفضه أو إباحته من الناحية الشرعية.

ولكن أن يتطرق موضوع زراعة الأعضاء إلى نقل الغدد التناسلية التالفة والتي تؤدي إلى عقم أولي عند الرجال والنساء، فهذا يحتم علينا أن نقف له بحزم وأن نقوم بشرح العواقب التي سوف تنتج من إباحته.

فالغدد التناسلية ليست مثل باقي الأعضاء يمكن نزع التالف منها واستبداله بآخر سليم، بل إنها بما تحمله من الخلايا الأولية للبويضات والحيوانات المنوية فإنها تقوم بنقل الصفات الوراثية من الأباء إلى الأبناء وأن أي محاولة لنقل هذه الأعضاء بين الرجال والنساء سوف يؤدي حتما إلى خلط الأنساب هذا الخطر الذي يحاربه الإسلام ويمنع حدوثه منذ بعث الرسالة المحمدية وإلى وقتنا هذا.

والقارىء للقرآن الكريم والمتمعن للمعاني السامية التي نستشفها من هذا الدستور الكريم، يجد أنه قد صدر القرار الإلهي من المشيئة العليا لله سبحانه وتعالى على بعض الرجال والنساء بالإصابة بالعقم، وهذا القرار قد صدر قبل تخليق الجنين الأنثى والجنين الذكر لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، كما جاء في الآيات الكريمة من [سورة الشورى: الآيتان ٤٩، ٥٠] : {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} ، (صدق اللة العظيم) .

بل إن القرآن الكريم يخبرنا أن إصلاح هذا التلف في حالات العقم الأولي يحتاج إلى معجزة إلهية من الله سبحانه وتعالى، الذي إذا قال لشيء كن فيكون، ولا بديل لغير المعجزة الإلهية لعلاج ذلك، ومثال ذلك ما أخبرنا به القرآن الكريم في سورة الأنبياء: [الآيتان ٨٩، ٩٠] : {وزَكَرِيَّا إذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وأَنتَ خَيْرُ الوَارِثِينَ (٨٩) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ووَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونُ فِي الخَيْرَاتِ ويَدْعُونَنَا رَغَباً ورَهَباً وكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} ، (صدق الله العظيم) .

ومهما كانت الإمكانيات والتجهيزات التي يقدمها الطب الحديث لهؤلاء الرجال والنساء، فلن يتاح لهم الإنجاب من صلبهم. بل يمكن القول بأن نجاح نقل الغدد التناسلية ما هو إلا صورة من صور الإخصاب لبويضة من حيوان منوي ليس من الزوج أو إخصاب حيوان منوي من الزوج لبويضة ليست لزوجته لإيهام هؤلاء المرضى المساكين نفسياً بإحساس كاذب بأن الذرية الناتجة منهم هي من صلبهم، ولا دور لطرف ثالث في ذلك، ولكن هذا كذب وافتراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>