للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن الإسلام بذل مجهودًا كبيرًا لإزالة الأوهام المستقرة في نفوس العرب حول الاسواق والأعمال التجارية، حيث كانوا يظنون أنها لا تتناسب مع هيبة القادة والأنبياء والرؤساء، فنزلت الآيات القرآنية لتدفع هذا الوهم، ولتبين بكل وضوح أن جميع الرسل كانوا يدخلون في الأسواق فقال تعالى: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} [الفرقان: ٧] .

فرد الله عليهم بقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: ٢٠] .

فصحح النظرة إلى السوق بأنها لا تتنافى مع الهيبة، ولا تتعارض مع الرسالة والنبوة، والشرف والرفعة والعزة والمكانة.

كما أن استعمال القرآن لـ: " السوق " بمعناها المعروف، وبمعنى ساق الشيء، وما يقوم عليه الشيء لمشعر بأهمية السوق للمجتمع، فكما أن الحيوان يقوم على ساقه، كذلك الاقتصاد يقوم على سوقه حيث يقول: {فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ} [ص: ٣٣] .

وقال: {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ} [الفتح: ٢٩] .

فالأسواق المالية المنظمة المتطورة عنوان الحضارة والتقدم، وبقدر تطورها يكون تطور الحياة التجارية، والصناعية، والاقتصادية التي لا تستغني عنها المجتمعات المتقدمة، ولذلك أولى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عنايته بالسوق لكنه أراد أن يصوغها صياغة إسلامية قائمة على الأمانة والثقة والعفة والتقوى، وأن تكون عنوان ((بيع المسلم من المسلم)) (١) . أي لاغش فيه ولا خداع ...


(١) الحديث رواه البخاري تعليقًا انظر: صحيحه – مع الفتح -: ٤/٣٠٩؛ ورواه الترمذي في سننه – بشرح تحفه الأحوذي – كتاب البيوع: ٤/٤٠٧؛ وابن ماجه، كتاب التجارات: ٢/٧٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>