للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكم الشرعي لهذه السندات:

إذا كان هناك خلاف طفيف سابق حيث أباحها البعض، فإن هذه الإباحة في نظري تعود إلى عدم فهم طبيعة هذه السندات في وقتها، واعتبارها مضاربة، أو تكييفها على الضرورة (١) ، ولذلك لا داعي لمناقشة هؤلاء، لأنه الآن قد ظهر بما لا يوجد أدنى شك أن السندات حتى في نظر القانونيين (٢) تكيف على أنها قروض بفوائد كما رأينا في جميع أنواعها، وأن صاحبها دائن للحكومة، أو الشركة يستحقها في وقتها إضافة إلى فوائدها دون النظر إلى خسارة الشركة وأرباحها، وبذلك يظهر جليًّا بعدُها – بعد المشرقين– عن المضاربة، والمشاركة في الشريعة الإسلامية الغراء.

وهذه الفوائد هي عين ربا النسيئة الذي لا خلاف في حرمته، كما أنه لا توجد ضرورة في شراء هذه السندات أو تداولها، بل إن بعض أنواعها عبارة عن الربا والقمار كما في سندات اليانصيب (٣) .

هذا هو ما عليه واقع السندات اليوم بجميع أنواعها لكنها لو غير واقعها وأطلقت على عقد مشروع مثل " سندات المضاربة " فالعبرة بالمضمون والمدلول، وإن كان الأفضل تسميتها بغير السند لأنه اشتهر في الأعراف الاقتصادية إطلاق السند على القروض بالفوائد التي هي محرمة، ولذلك فالأولى إطلاق لفظ الصكوك أو نحوها على أوراق مالية لو وجدت دفعًا للالتباس والغموض والاشتباه.


(١) يراجع: د. الخياط: الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، طبعة الرسالة: ٢/١٥٠، حيث ذكر آراء هذا البعض وتوجيهاته.
(٢) د. أبو زيد رضوان: الشركات التجارية في القانون المصري المقارن، طبعة دار الفكر العربي: ص٥٦٥؛ والمراجع القانونية السابقة.
(٣) د. الخياط: الشركات في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي، طبعة الرسالة: ٢/٢٢٨؛ ويراجع في خطورة الربا: كتب التفاسير كالقرطبي، والرازي وابن كثير في تفسير آيات سورة البقرة ٢٧٥ وما بعدها، وكذلك كتب الصحاح والسنن في باب الربا.

<<  <  ج: ص:  >  >>