وهنا نجد أنفسنا أمام تعليل آخر وهو أن الضامن مقرض وشرط الجعل له - الأجر على الضمان - زيادة على ما أقرض.
وفيما عدا هذه التعليلات المختلفة لعدم جواز الأجور على الضمان فيما وقفنا عليه من أقوال الفقهاء لم نجد لهم دليلا يعتمدون عليه من كتاب أو سنة أو إجماع.
ونعود إلى مناقشة هذه التعليلات للحكم الذي قرره الفقهاء لمنع الأجر على الضمان. ونبدأ بمسألة أن ثمن الجاه إنما هو من باب أخذ الأجرة على الواجب.
ونسأل: هل الجاه.. أو الكفالة أمر واجب على من يفعله أم أنه من أعمال التبرع؟
بداهة أنه ليس واجبا. إلا إذا تعين على شخص، بعينه. وليس من هذا النوع الضمان العرفي، إذ لا يتوقف على شخص معين أو حتى مصرف معين دون غيره. فقضية كون الضمان المصرفي من باب الواجب الذي لا يؤخذ عليه أجر غير واردة؟
ثم أن قاعدة عدم أخذ الأجرة على الواجب لا نراها مضطردة عند هؤلاء الفقهاء، فقد رأيناهم يجيزون أخذ الأجرة على حفظ الوديعة. وإن تعينت على شخص ما - وهو من باب الواجب. جاء في مغنى المحتاج للشربينى: وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ كما يأخذ أجرة الحرز. ومنعه القرافي وابن أبي عصرون، لأنه صار واجبا عليه، فأشبه سائر الواجبات، والمعتمد الأول، كما هو ظاهر كلام الأصحاب (١) .
(١) مغنى المحتاج ج ٣ ص ٧٤ وانظر في تلك حاشية ابن عابدبن ج ٥ص ٦٦٥ وحاشية قليوبي وعميره ج ٣ ص ١٨١ ومفتاح الكرامة للعاملى ج ٦ ص ٤