للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سوق الاختيارات أو الخيارات:

الخيارات: جمع خيار، وهو في عرف الفقه الإسلامي عبارة عن حق العاقد في فسخ العقد أو إمضائه لظهور مسوغ شرعي، أو بمقتضى اتفاق عقدي، وهو يصل إلى ثلاثة وثلاثين نوعًا (١) . والاختيارات جمع اختيار، وهو يعني طلب خير الأمرين، والإصفاء والإيثار والانتقاء والتفضل هذا في اللغة، أما معناه في الاصطلاح الشرعي فقد عرفه الحنفية بأنه " القصد إلى أمر متردد بين الوجود والعدم داخل قدرة الفاعل بترجيح أحد الأمرين على الآخر " (٢) ، ولخص هذا التعريف ابن عابدين بقوله: " الاختيار هو: القصد إلى الشيء وإرادته" (٣) ، وعرفه الجمهور بأنه " القصد إلى الفعل وتفضيله على غيره بمحض إرادته " (٤) .

أما الاختيار – أو الخيار – في عرف الاقتصاد المعاصر، وفي الأسواق المالية فيراد به: حق شراء، أو بيع سلعة ما في تاريخ محدد بسعر متفق عليه سلفًا، ولا يترتب على مشتري الخيار التزام بيع، أو شراء وإنما مجرد حق يستطيع أن يمارسه، أو يتركه، ويصبح المضارب (المجازف) مالكًا للخيار بمجرد دفع قيمته، فالاختيار اتفاق بين طرفين يتعهد بموجبه الطرف الأول (البائع) أن يعطي الطرف الثاني (المشتري) الحق – وليس الإجبار – لشراء، أو لبيع أوراق مالية، أو سلع حسب شروط منصوص عليها في العقد (٥) .

وقد تطورت أسواق الاختيارات تطورًا كبيرًا وأصبحت تشمل معظم السلع والأوراق المالية، ولا سيما بعد إنشاء سوق شيكاغو لتداول اختيارات الشراء على الأسهم سنة ١٩٧٣م، كما تمَّ تأسيس أسواق مماثلة في أمريكا منذ سنة ١٩٧٦م غير أنه منذ بداية الثمانينات تمَّ إدراج أنواع جديدة من الاختيارات تشمل الأسهم، وسندات الخزينة الأمريكية والأجنبية والسلع والبضائع، ومؤشرات قياس الأداء في أسواق الأسهم (٦) .

لا تختلف الخيارات في أوروبا عما في أمريكا إلَّا في نقطة واحدة، وهي أن المشتري له الحق في أمريكا أن يمارس حقه خلال مدة الخيار قبل الساعة الثامنة مساء من آخر يوم فيه، بينما لا يجوز له أن يمارس حق خياره في الأسواق المالية الأوروبية إلَّا في آخر المدة المحددَّة أي في الساعات الأخيرة من تلك الفترة (٧) .


(١) يراجع في تفصيل ذلك كتاب: الخيار وأثره في العقود، لأخينا الدكتور عبد الستار أبو غدة، ط. مطبعة مقهوي بالكويت ١٩٨٥م، حيث فصَّل وأجاد.
(٢) كشف الأسرار: ٤/٣٨٣؛ وشرح التوضيح: ٢/١٩٦.
(٣) حاشية ابن عابدين على الدر المختار: ٤/٥٠٧.
(٤) مواهب الجليل: ٤/٢٤٥؛ وشرح الخرشي: ٥/٩؛ وفتاوى السيوطي، مخطوطة الأزهر رقم ١٣١، فقه شافعي ورقة ١٤٣؛ وتحفة المحتاج: ٤/٢٢٩؛ وشرح الكوكب المنير: ١/٥٠٩؛ والمحلى، لابن حزم: ٩/٢٥٨.
(٥) د. محمد القري بن عيد: بحثه السابق؛ ود. محمد الحبيب الجراية: بحثه السابق.
(٦) المراجع السابقة.
(٧) د. محمد القري: بحثه السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>