للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الثاني: حق بيع الاختيار أو شراؤه، فكما رأينا أن هذا الحق يباع ويشتري في البورصة مستقلًّا عن الأسهم والسندات ونحوها، فهل ذلك جائز شرعًا؟

إن مسألة التصرف في الحقوق تحتاج إلى تفصيل، يمكن تلخيصه في أن الحقوق المحضة التي لا يمكن الانتفاع بها وحدها لا يجوز بيعها (١) فلا يجوز بيع مثلًا بالاتفاق، وحتى في باب الإرث، يقول الزركشي: " اعلم أن الحقوق لا تورث مجرد ابتداء، وإنما تورث تبعًا للأموال كما في الخيار ونحوه " (٢) .

فالاختيارات هي حقوق محضة لا يمكن الانتفاع بها وحدها، ومحلها – أي الأسهم ونحوها – منفصل عنها حيث لكل واحد منهما سعره وثمنه، فلا يجوز إجراء العقد على هذا الحق المحض، ثم إن ما يدفع فيه باعتبار ما يتحقق من الأرباح المستقبلية لمحلها من الأسهم ونحوها، وهو أشبه ما يكون بالاعتماد على الحظوظ، والميسر، ولولا طبيعة البورصة القائمة على بعض المعاملات القريبة من المقامرة لما كان لحق اختيار الأسهم أو نحوه أي قيمة تذكر.

وقد دلت نصوص الفقهاء على أن الحقوق المجردة لا يجوز الاعتياض عنها يقول الحصكفى: " لا يجوز الاعتياض عن الحقوق المجردة كحق الشفعة ... ، ولا الصلح بمال مع المخيرة لتختاره، وكذا لو صالح أحد زوجته لتترك لم يلزم ولا شيء لها (٣) .


(١) منشور في القواعد للزركشي، طبعة الكويت: ٢/٥٥.
(٢) المنشور في القواعد للزركشي، طبعة الكويت: ٢/٥٥، ويراجع د. عبد الستار أبو غدة: المرجع السابق: ١/٣١٧.
(٣) حاشية ابن عابدين: ٤/١٤، طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت.

<<  <  ج: ص:  >  >>