ثم إن خيار شراء العملات وبيعها، وخيار شراء الأسهم وبيعها شبيه بالقمار، ولا فرق بينه وبين المضاربة على فروق الأسعار، يوضح ذلك المثالان التاليان:
المثال الأول: اشترى شخص عشرة آلاف من الدولارات من آخر بسعر الدولار تسعين جنيهًا سودانيًّا، واشترى الخيار لمدة ستة أشهر بعشرة آلاف من الجنيهات السودانية، وقبل أن تنتهي الستة أشهر ارتفع سعر الدولار إلى مائة جنية فمارس المشتري حقه في الخيار فإنه يكون حقق ربحًا – وهو ما يرمي إليه – ولكن ربحه هذا هو خسارة على البائع، على أن الدولار قد يبقى سعره كما هو إلى انتهاء مدة الخيار فيخسر المشتري عشرة آلاف ويربحها البائع، ففي هذه المعاملة يكون كل واحد من المتعاقدين إما غانمًا أو غارمًا، وهذا هو ضابط القمار المحرم، أما البيع الذي أحله الله فإن كل واحد من المتعاقدين يكون غانمًا بحصوله على العوض المعادل لما حصل عليه الآخر، وهكذا الحال في بيع العملات يدًا بيد.
المثال الثاني: إذا باع شخص خيار شراء أسهم لمدة ستة أشهر بسعر أربعين دولار للسهم، مقابل أربعة دولارات ثمن الخيار، فإنه يفعل ذلك لأنه قدر أن ثمن السهم لن يزيد في هذه المدة على الأربعين دولارًا بأكثر من ثمن الخيار، والمشتري يقدر أن ثمن السهم سيزيد في هذه المدة على الأربعين دولارًا والثمن الذي دفعه للخيار، وإلَّا ما أقدم على الشراء، فهو يضارب على ارتفاع السعر، والبائع يضارب على انخفاضه، ومن تحققت نبؤته كان هو الرابح، فما الفرق بين هذا والمضاربة على فروق الأسعار؟ بل أليس هذا أخا القمار؟
إن شراء الاختيارات وبيعها في جميع صورها ليس من بيوع المسلمين التي أحلها الله لهم فيجب عليهم الابتعاد عنها.
ولا حاجة للبحث لهذه المعاملة عن بديل شرعي؛ لأنها ليست وسيلة موصلة إلى مصلحة معتبرة حتى نبحث لها عن وسيلة أخرى شرعية توصل إلى تلك المصلحة.