فمن أراد بيع وحدة من قمح الدرجة الأولى مثلًا في شهر يناير لتسليم شهر أكتوبر، فإنه يعرض على السوق ما ينبئ عن رغبته لبيع وحدة من قمح الدرجة الأولى، لشهر أكتوبر بثمن يتوقع أن يكون رابحًا عند التسليم، فمن رغب شراء هذه الوحدة بهذه الشروط قبل ذلك العرض، ولا يحتاج أي منهما إلى الالتقاء بالآخر في أسواق البورصة. ولكن إدارة السوق ضامنةٌ لوفاء التزامات الفريقين. فالبائع يقدم عرضه إلى السوق بواسطة الإدارة، والمشتري يقبل هذا العرض عن طريق الإدارة، والإدارة تتكفل له بتسليم السلعة من قبل البائع، وبتسليم السلع من قبل المشتري عند حلول تاريخ التسليم.
وليس الأمر حقيقة بهذه البساطة التي تبدو مما ذكرنا من طريق هذا التعامل، ولا يقع أبدًا أن ينتظر المشتري تاريخ التسليم ويتسلم السلعة المبيعة عندئذٍ، وإنما يظل هذا العقد فيما بين شهر يناير وشهر أكتوبر محل بيع وشراء في كل يوم، وربما يقع على العقد الواحد عشرات البياعات يوميًّا، إلى أن يأتي الأجل، فلو باع زيد مثلًا إلى عمرو وحدة من القمح لتسليم شهر أكتوبر، فإن عمرًا يبيعه بعد ذلك إلى خالد، وخالد إلى حامد، كل واحد منهم بثمن ربما يختلف عن الثمن الأول، والفارق بين سعري البيع والشراء هو الربح الذي يخاطر فيه المتعاملون في أثناء هذه المدة وكل من اشترى عقدًا بسعر أقل وباعه بسعر أكثر، فإنه يستحق أن يطالب بفرق السعرين كربح له، دون أن يدفع الثمن كمشترٍ، أو يسلم المبيع كبائع، ففي المثال المذكور لو اشترى عمرو من زيد وحدة من القمح لتسليم شهر أكتوبر بعشرة آلاف دولار مثلًا، وباعه من خالد بأحد عشر ألف دولار، فإنه لا يدفع الثمن إلى زيد، ولا يسلم المبيع إلى خالد، وإنما يستحق ألف دولار كالربح الحاصل على تعامله.