للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين يتعاملون في المستقبليات هم نوعان، لكل واحد منهما غرض مستقل عن غرض الآخر للدخول في سوق المستقبليات.

أما النوع الأول، فهم المخاطرون (Speculators) الذين لا يقصدون شراء السلع وبيعها للحصول على المبيع أو الثمن، وإنما يقصدون الحصول على الأرباح التي تتكون من فروق أسعار البيع والشراء، كما تقدم ذكر ذلك، وإنهم على ثقة من خبرتهم بتقلبات الأسعار، يشترون المستقبليات على أمل أنهم سوف يبيعونها بسعر أكثر، ويتخلص لهم ربح من وراء هذه العملية، بدون أن يخوضوا في استلام المبيع وتسليمه. فربما تنجح آمالهم في عقد، وتفشل في أخرى.

والنوع الثاني، هم الذين يقصدون تأمين ربحهم على بيوع حقيقية عقدوها في الأسواق الحالَّة، وإن هذه العملية تسمى في الاصطلاح (Hedging) ، ويمكن لنا أن نترجمه إلى العربية بتأمين الربح.

ومن المناسب أن نشرح هذه العملية بمثال: إن زيدًا اشترى من السوق الحالَّة عشرة آلاف كيس من القمح بسعر خمسة دولارات لكل كيس مثلًا، وإن البيع حقيقي يقع في التسليم، ولكن نظرًا إلى ظروف السوق، يريد زيد أن يبيع هذه الكمية بعد ثلاثة أشهر مثلًا، ولكنه يخاف أنه إن انخفض سعر القمح بعد ثلاثة أشهر، فإنه سوف يخسر خسارة كبيرة. هب أن السعر انخفض بعد ثلاثة أشهر بمقدار نصف دولار لكل كيس، فإنه يخسر خمسة آلاف دولار في هذه العملية الواحدة.

ولتجنب هذه الخسارة، يدخل زيد في سوق المستقبليات، ويبيع مثل هذه الكمية لتسليم ثلاثة أشهر بالسعر الموجود في السوق الحالة يوم العقد، فتكون له عملية شراء في السوق الحالة، وعملية بيع في سوق المستقبليات بكميتين متوازيتين من القمح. وإن الربح في إحداهما يجبر الخسران في الأخرى، فلو انخفض سعر القمح بعد ثلاثة أشهر بمقدار نصف دولار للكيس الواحد مثلًا، فإنه سوف يخسر في صفقته الحالَّة بمقدار خمسة آلاف دولار، ولكنه في الوقت نفسه يربح في سوق المستقبليات بما يقارب هذا المقدار، لأن سعر المستقبليات سوف ينخفض أيضًا بما يقارب نصف دولار لكيس واحد، فما باعه بسعر أعلى قبل ثلاثة أشهر في سوق المستقبليات يشتريه الآن بسعر أدنى، ويستحق الفرق بين السعرين، وهو خمسة آلاف دولار. وإن هذا الربح الذي حصل له في المستقبليات يجبر ما أصابه من الخسران في الصفقة الحالَّة، وإن النتيجة الصافية تظهر من الجدول الآتي:

<<  <  ج: ص:  >  >>