للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- إن المقرر في عقود المستقبليات أن تسليم السلعة إلى المشتري لا يقع عمومًا، بل يكون الخيار بيد المشتري الأخير إن شاء طالب بتسليم السلعة وإن شاء باعها على البائع مرة أخرى، ويقبل التصفية على أساس دفع الفرق بين سعري البيع والشراء، وإن هذا الأمر مشروط في العقد منذ أول الأمر، ولاشك أن مثل هذا الشرط مفسد لعقد السلم، بل بيع المسلم فيه إلى البائع لا يجوز، ولو لم يكن مشروطًا في عقد السلم، جاء في المغني لابن قدامة:

(وبيع المسلم فيه من بائعه أو من غيره قبل قبضه فاسد) (١) .

٥- ولو فرضنا أن العقد الأول قد انعقد سلمًا بعد استيفاء شروط، فإنه لا يجوز لرب السلم، وهو المشتري، أن يبيع المسلم فيه إلى غيره قبل أن يقبضه، قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

"أما بيع المسلم فيه قبل قبضه، فلا نعلم في تحريمه خلافًا، وقد ((نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه، وعن ربح ما لم يضمن)) ولأنه مبيع لم يدخل في ضمانه، فلم يجز بيعه كالطعام قبل قبضه" (٢) .

وقد مرَّ في كيفية التعامل بهذه العقود المستقبلية، أن العقد الواحد تجري عليه البياعات الكثيرة قبل أن يجيئ وقت التسليم، فلا سبيل إلى القول بجوازه.

فهذه وجوه خمسة، كل واحد منها يمنع من تخريج جواز هذه العقود بجعلها سلمًا.

وإذا لم يكن جعل هذا العقد سلمًا، فإنه بيع مضاف إلى تاريخ مستقبل، وقد أجمع الفقهاء على أن البيع لا يقبل التعليق أو الإضافة إلى تاريخ مستقبل. فلا يصح البيع الأول، فكيف بالبيوع التي تتابعت على أساس هذا البيع الأول؟


(١) المغني، لابن قدامة: ٤/٣٤١.
(٢) المغني، لابن قدامة: ٤/٣٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>