للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموَاطن المحتملة للِرّبَا وَالغرر

في العِلاَقاِت التّعاقديّة في بِطاقاِت الاِئتمَان

١- الرسوم التي يدفعها المشترك في برنامج البطاقة لكي يتحصل عليها من قبل المصدر تُحوِّل العلاقة بينهما إلى عقد معاوضة، لكن ليس واضحًا على ماذا سيحصل حامل البطاقة مقابل ذلك الرسم. فإن كان مجرد العضوية ووجود اسمه ضمن قائمة حاملي البطاقة، وحصوله على القدرة على المباهاة والفخر بحملها فهذه حقوق والتزامات واضحة وهي حاصلة للفرد بمجرد العضوية لكن الواقع خلاف ذلك. وإن كان المبلغ المذكور مقابل عدد المرات التي تمتع فيها بالائتمان أو حصل فيها على التسهيلات المالية ففي العقد غرر أو جهالة (على افتراض عدم وجود الربا وهو موجود) لعدم معرفته عند التعاقد لعدد مرات احتياجه لها وتكرر استفادته منها ... إلخ.

٢- وفي الصيغة الثالثة التي تتضمن قرضًا متجددًا لحامل البطاقة (Revolving Credit) ، فإن اشتراط الزيادة على القرض يجعله من الربا الصريح. والزيادة المذكورة ليست زيادة في بيع آجل (بالتقسيط) رغم أنها ظهرت بسبب شراء العميل لسلعة أو خدمة من التاجر، والسبب أن الزيادة فيها غير ثابتة ولم تحدد عند البيع كما أنها تزيد بزيادة المدة وهي مرتبطة بالمبلغ والمدة فحسب.

٣- وفي الصيغة الثانية للبطاقة يلتزم حاملها بتسديد ما عليه من ديون خلال ٣٠ يومًا وإذا لم يفعل ألغت الشركة المصدرة عضويته، وبدأت في ملاحقته في أجهزة القضاء والأمن لإرغامه على الدفع. وتنص أكثر عقود هذا النوع من البطاقات على أن العضو ملتزم بدفع الفوائد على المبالغ المتأخرة ابتداء من تاريخ إلغاء عضويته، فهو شرط جزائي فحسب، فإذا التزم العضو بالدفع خلال الفترة المسموح بها لا يكون عرضة لآثاره. ولكن هل يجوز له أن يدخل في عقد يتضمن شرطًا مثل ذلك؟ وهذا الشرط هل هو شرط مفسد للعقد؟ وهناك حالات تعرض لها بعض الفقهاء لا يؤدي الشرط الفاسد فيها إلى فساد العقد فهل نعد هذه واحدة منها؟ (١) . إذا التزم حامل البطاقة بالتسديد في الوقت المطلوب بحيث لا يعرض نفسه أبدًا لدفع الفائدة. (٢) .


(١) وهذا ما يتعرض له المسلمون بحملهم بطاقات الائتمان الشهيرة أمريكان إكسبرس، فهم يحرصون على دفع المبالغ في وقتها دون التعرض لآثار شرط الفائدة في العقد.
(٢) قال في إعلاء السنن ١٣ – ١٤ /٥٣٤: " ... وأما القرض المشروط بالفضل والمنفعة، قال الشافعي ومالك يبطلان عقد القرض، وقال الحنفية يبطل الشرط لكونه منافيًا للعقد ويبقى القرض صحيحًا ... ومرادهم يكون القرض صحيحًا والشرط باطلًا أن المستقرض إذا قبض الدراهم التي استقرضها بالشرط يصير دينًا عليه، وأما أن الإقراض والاستقراض بالشرط يكون جائزًا فكلا ... "، وقد ذكر في مرشد الحيران مادة ٣٢٣ – ٣٢٦: " كل ما كان مبادلة مال بمال كالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والمزارعة والمساقاة والقسمة والصلح عن مال لايصح اقترانه بالشرط الفاسد ولا تعليق به ... ، أما ما كان مبادلة مال بغير مال كالنكاح والخلع على مال والتبرعات كالهبة والقرض ... وكذلك الإقالة والرهن والكفالة والحوالة والوكالة ... ففي هذه التصرفات كلها إذا اقترن العقد بالشرط الفاسد صح العقد ولغي الشرط".

<<  <  ج: ص:  >  >>