للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما معنى قوله حتى يكون كله حرامًا، أي حتى يكون كله بمنزلة الحرام في أنه لا يجوز له أن يأكل منه شيئًا حتى يرد ما فيه من الربا لأنه إن أكل منه قبل أن يرد ما فيه من الربا فقد أكل بعض الربا لاختلاطه بجميع ماله وكونه شائعًا فيه، وكذلك على قوله لا يجوز لأحد أن يعامله فيه ولا أن يقبل منه هبة، لأنه إذا عامله فيه فقد عامله في جزء من الحرام لكونه شائعًا فيه، وهذا هو مذهب ابن وهب من أصحاب مالك، وهو استحسان على غير قياس، لأن الربا قد ترتب في ذمته وليس متعينًا في عين المال على الإشاعة فيه، فعلى ما يوجبه القياس تجوز معاملته فيه وقبول هبته، وهو مذهب ابن القاسم، وحرم أصبغ معاملته فيه وقبول هبته وهديته، وقال: من فعل ذلك يجب أن يتصدق بجميع ما أخذ وهو شذوذ من القول على غير قياس وبالله التوفيق.

وفرق ابن وهب بين المسلم والنصراني في نقل ابن رشد عنه حيث قال: قال (١) . وسألته (يعني ابن وهب) عن المسلم إن كان معروفًا بأكل الربا والعمل به وببيع الخمر، هل ترى أن يتسلف منه أو يقبض الدين منه؟ فقال: شأن المسلم عندي أعظم من شأن النصراني إذا كان المسلم معروفًا بأكل الربا والعمل به ويبيع الخمر، لم أر لأحد أن يتسلف منه ولا يقتضي دينه منه ولا يخالطه ولايؤاكله، قال ابن وهب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تخالطن إلَّا مؤمنًا)) .


(١) البيان والتحصيل: ٨/٥١٤ – ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>