للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

القسامة، ثم في كتاب الدعاوى، إن شاء الله - هذه مسألة في الاختلاف.

المسألة الثانية - أن يقع الوفاق على أصل الإذن، ويعودَ الخلاف إلى جريان الوطء، فقال الراهن: قد وطئتُ، وأنكر المرتهن ذلك. فيقول: ما وطئتَ، وليس الولد الذي جاءت به الجارية منك. هذا أصل التصوير.

ثم ذكر الأئمة صورتين: إحداهما - أن يبتدىء الراهن فيقول: أذنتَ لي في الوطء، فوطئتُ، وأعلقتُ. ثم يقول المرتهن: أذنت لك، وما وطئت، فالقول قول الراهن؛ فإن الإذن متفق عليه، والوطء المختلف فيه من فعل الراهن، فليكن الرجوع إليه في فعله.

هذا هو الأصح.

ومن أصحابنا من قال: الأصل عدمُ الوطء، وبقاء الرهن. وهذا يناظر ما لو قال الرجل لامرأته: إن زنيتِ، فأنت طالق، فإذا زعمت أنها زنت، فالقول قول الزوج في إنكار زناها؛ فإن الأصل عدم وقوع الطلاق، وعدم الزنا.

هذا أصل المذهب. وليس كما لو قال: إن حضت، فإنت طالق، فقالت: حضتُ، فالقول قولها؛ إذ لا يُطلع على حيضها إلا من جهتها، ويُطَّلع على سائر أفعالها من غير جهتها. ولا فرق بين ما يخفى في العادة وبين ما يظهر، كدخول الدّار ونحوه.

ومن أصحابنا من صدق المرأة فيما يخفى وتطرد العادة بكتمانه، كالزنا ونحوه.

وهذا مزيف لا أصل له. فإن قيل: لم كان ظاهر المذهب تصديقَ الراهن في الصورة التي ذكرتموها؟ وما الفرق؟ قلنا: إذا كان الوطء مأذوناً، فادّعاه من أُذن له، كان هذا ادعاءَ أمر يملك إنشاءه، وكل مأذون في شيء يدعي مع دوام الإذن إيقاعَ ما أُذن فيه، فقوله مقبولٌ، كالوكيل بالبيع إذا ادّعى البيعَ قبل أن يُعزل؛ فتصديق الراهن يؤخذ من هذا الأصل، وهو غير متحقق في تعليق الطلاق بالصفات؛ إذ ليس في التعليق تسليطٌ على أمرٍ وتولية في شيء، والطلاق يعلق تارةً بما يدخل تحت اختيار الزوجة، وتارة يعلّق بأمور ضرورية، لا اختيار فيها كغروب الشمس وطلوعها. هذا فيه إذا قال الراهنُ أولاً: أذنت لي، فوطئت. وقال المرتهن بعده: ما وطئتَ.