للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والذي نراه أن كلَّ قسمة تولاها الشريك، أو وكيلٌ من جهته، وبناها على عدم العلم بالشفعة، فتلك القسمة صحيحة، وعدم علم المالك بثبوت حقٍّ له لا يتضمن ردَّ تصرفٍ أنشأه على اختيارٍ، وهو نافذ التصرف، والإشكالُ في ثبوت الشفعة مع صحة المقاسمة، فإن المقاسمة قاطعةٌ لعلة الشفعة، وكل ما قطع مقتضى الشفعة قبل التملك بها يقطعها، ولهذا كانت الشفعة عرضةَ السقوط على قول الفور بتأخير لحظة.

ومعتمد الأصحاب في الشفعة مختلَفٌ فيه، فمنهم من اعتبر مؤنةَ المقاسمة وإفرازَ المرافق، وقد انفصل الأمر بوقوع القسمة، ومنهم من اعتبر المداخلة والتضييق، وقد زال هذا المعنى بصحة القسمة.

وإذا كانت الشفعة تسقط بالرضا بالضرر، فتسقط بانقطاع الضرر.

٤٧٧٠ - والذي نحققه أن الشفيع يأخذ ملكاً مجاوراً أو شائعاً، فإن كان يأخذ ملكاًً مجاوراً، فهذا بعيد عن مذهب الشافعي، وإن كان يأخذ ملكاً مشاعاً، فلا قسمة إذاً، والبناء تبين وقوعُه في مشاع، فيجب منه سقوطُ حرمته، وليس كالمستعير؛ فإنه يغرس بإذن المالك على بصيرةٍ، وهاهنا لم يجر إذنٌ في البناء، وإنما جرت مقاسمة، فإن صحت، فلَا شفعةَ بعدهَا، وإن بطلت، لم تقتض جوازَ البناء.

وأقصى الإمكان في ذلك أن نجعل جريان القسمة مع الحكم بالصحة، بمثابة زوال ملك الشفيع عن الشرك القديم، وهو غير عالم بثبوت الشفعة، وقد ذكرنا قولين في ذلك، ولعلنا نعود إليهما من بعدُ، والجملة في ذلك أن الشفعة عمادُها ملكُ الشفيع، والشيوعُ، ثم في بقاء الشفعة مع زوال الملك قولان، فيجب إجراء القولين في زوال الشركة.

وهذا بمثابة اختلاف القول في أن الأمَة إذا عتقت تحت زوجها العبد، ثم لم تشعر حتى عَتَق الزوجُ، ففي بقاء خيارها قولان.

ويلتحق بهذا الفن زوال العيب القديم في يد المشتري، قبل بطلان حقه من الرد.

ولو قلنا: القياس في هذه الأصول تغير الأحكام بهذه الطوارىء، لم يكن قولنا هذا