للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأمر كذلك فيما نحن فيه؛ فإنهما إذا قالا: بعنا منك، فكل واحد من البائعين متميز (١) عن الثاني، والقبول وإن اتحد من حيث الصيغة، متعدد من حيث المعنى، والمعنى أولى بالاتباع.

ومن أصحابنا من خالف المزني، وقال: ليس للشفيع أن يأخذ بعضاً، ويترك بعضاً، لأن فيه تبعيضَ الشقص على المشتري. وقد ملَكه دفعة واحدة.

ولو اشترى واحدٌ شقصين من دارين من رجلٍ واحد، وكان (٢) شفيعهما واحداً، فالصفقة متَّحدة إذا نظرنا إلى البائع والمشتري، وقد تمهد أن الصفقة لا تتعدد بتعدد المعقود عليهِ، إذا لم يكن في العقد عليهما اختلاف. فلو أراد الشفيع أخذ الشقصين من الدارين، فله ذلك. وإن أراد أخذ أحد الشقصين، وتَرْكَ الآخر، ففي المسألة وجهان مشهوران، وسبب الخلاف أنه ليس في أخذ أحدهما وترك الثاني تبعيضُ شقصٍ من دارٍ واحدة. وهذا بعينه هو الاختلاف المذكور في تفريق الصفقة بما يطرأ عليها آخراً، مثل أن يشتري الرجل عبدين، فيجد بهما أو بأحدهما عيباً، فأراد ردَّ واحد بالعيب، وإمساك الثاني بقسطٍ من الثمن، ففي ذلك قولان. ولا مأخذ لهما إلا تفريق الصفقة؛ إذْ لا ضرار من جهة التبعيض.

ولو اشترى عبداً، فوجده معيباًً، فأراد ردَّ بعضِه، لم يكن له ذلك، لما فيه من ضرار التبعيض، وهذا يناظر ما لو اشترى شقصاً في صفقة واحدةٍ، فأراد الشفيع أخْذ بعضه، وترك الباقي.

٤٨١٧ - ولو اشترى شخصان من شخصين شقصين من دارين، شفيعهما واحد، فهذه الصورة يلتف (٣) فيها وجوه من التفريق، فانظر كيف تجري فيها، وقد أصبتَ (٤)، فالشفيع بالخيار بين أن يأخذ الشقصين، وبين أن يأخذ النصف من كل واحد منهما من واحدٍ (٥)، وبين أن يأخذ نصف أحد الشقصين من أحدهما، ومن


(١) في الأصل: غير متميز.
(٢) ت ٢: كانت شفعتهما واحداً.
(٣) في (ت ٢)، (ي)، (هـ ٣): يلتفت.
(٤) المراد أن كل صور التفريق تصح فيها.
(٥) أي من واحدٍ من المشتريين.