للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منه ويوضع حيث توضع الأموال المشكلة، ثم يرى السلطان رأيه فيها. وشفاء الغليل في ذلك يتعلق بالإيالة الكبيرة (١)، ولكنا لا نخلي هذا المذهب (٢) عن شفاء الغليل إذا رأينا الانتهاء إلى ذكره.

فصل

قال: "ولو أن رجلين باعا من رجلٍ شقصاً ... إلى آخره" (٣).

٤٨١٥ - إذا اشترى رجلان من واحدٍ شقصاً، فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهما، ويترك نصيب الثاني، لم يختلف أصحابنا فيه. فإن قيل: أليس حكيتم قولاً في كتاب البيع أن أحد المشتريين لا ينفرد برد ما اشتراه على البائع، وجعلتم اتحاد البائع مقتضياً اتحاد الصفقة، فهلا خرّجتم هذا القولَ في منع تبعيض الشفعة؟ قلنا: ذلك القول على ضعفه له خروج؛ من قبل أن المبيع خرج جملة واحدة، من ملك البائع، فلو رجع إليه بعضه، لتضرر لا محالة، فكان سببُ منع الرد في ذلك القولِ القديم هذا، والشفعة لا تؤخذ من مأخذ الرد؛ فإنّ الشفيع يأخذ من المشتري، فينبغي ألا يتبعض على من يأخذ منه، فقلنا: إذا اشترى رجلان من رجلٍ، فللشفيع أن يأخذ نصيب أحدهما، ويترك نصيب الآخر؛ إذ لا تعلق لأحد المشتريين بالثاني، فلا تبعيض على المأخوذ منه.

ولو اشترى رجل من رجلين شقصاً، قال المزني: للشفيع أن يأخذ نصيب أحد البائعين، وقاس ذلك على الرد بالعيب؛ فإنه لو اطلع على عيبٍ بما اشتراه، كان له أن يردّ على أحد البائعين، ويُمسك ما اشتراه من الثاني.

٤٨١٦ - وقد اختلف أصحابنا في ذلك، فذهب بعضهم إلى موافقة المزني، وهو القياس؛ فإن تعدد البائع يتضمن تعدد العقد والصفقة، ولو اشترى رجل واحدٌ من رجل واحدٍ شقصاً، في صفقتين، فللشفيع أن يأخذ مضمون إحدى الصفقتين، فليكن


(١) الإيالة الكبيرة: أي أحكام الخلافة، وسياسة الأمة. وقد أفرد لها الإمام كتابه الماتع (الغياثي).
(٢) المذهب: المراد به هذا الكتاب؛ فقد سماه بذلك في مقدمته.
(٣) ر. المختصر: ٣/ ٥٦.