للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فصل

٤٨١٤ - إذا ادعى على رجل أنه اشترى شقصاً له فيه شفعة، فأنكر المدعى عليه، فالقول في حكم الاختلاف على هذا الوجه قدمناه مستقصىً في أدراج الفصول، ولكن المزني ذكره في مسائل التحري، فنعيده على الإيجاز، فنقول: للإنكار صيغتان مقبولتان: إحداهما تعرِض لمضادة الدعوى لفظاً ومعنى، مثل أن يقول المدّعي: اشتريتَ شقصاً فيه شفعة، فيقول المدعى عليه: ما اشتريت.

والثانية تعرِض لمضادة مقصود الدعوى، ولا تناقضها لفظاً. مثل أن يقول في جواب المدعي -والدعوى على ما وصفناه- لا يلزمني تسليم هذا الشقص إليك، فهذا الإنكار يُكتفى به، وسبب الاكتفاء به أن الشفعة ربما كانت تثبت، ثم سقطت بتقصير من الشفيع، أوعفوٍ. ولو اعترف المدعى عليه بصورة الحال، لكان مؤاخذاً بالإقرار بالشفعة، مدّعياً سقوطها. والقول قول الشفيع في نفي ما يُدَّعَى عليهِ، فسوَّغَ الشرعُ للمدعى عليه أن يبهم الإنكار. وهذا من أسرار الخصومات، ولا يمكن التطفل ببسط القول في ذلك هاهنا، ولا اختصاص لهذه الصورة بهذا النوع من الإنكار، فليقع الاكتفاء بنقل الوفاق في صحة هذا الإنكار، ثم يحلف على حسب إنكاره.

فإن أتى بالصيغة المصرحة بنفي الشراء، ولما عرضنا اليمين أراد أن يحلف: لا يلزمه تسليم الشقص، فهل يُقبل اليمين كذلك؟ فعلى وجهين مشهورين جاريين في نظائر هذه الصورة، وموضع استقصائهما الدعاوى.

ولو أقام المدعي بينة على الشراء، لما أنكر المشتري، وحكمنا بالشفعة، فيأخذ الشقصَ، والمدَّعى عليه لا يخلو إما أن يعترف الآن، أو يصر على إنكاره، فإن اعترف، صرفنا الثمن إليه، وإن أصر على إنكاره، ففي المسألة الأوجه الثلاثة الجارية في أمثال هذه المسألة: أحدها - أنه يجبر المدعى عليه على القبول، أو الإبراء، حتى تبرأ ذمة الشفيع؛ فإن الإنكار والإقرار لا يبرئان الذمم. والوجه الثاني - أنه يترك الثمن في [ذمة] (١) الشفيع إلى أن يعترف به المدعى عليه. والوجه الثالث - أنه يؤخذ الثمن


(١) في الأصل: يد.