للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣٤٩ - ثم الماء الكثير إذا تغيّر بالنجاسة، صار نجساً، وقد ذكرنا في الزعفران الواقع في الماء أن الأظهر اعتبار تفاحش التغير، حتى يزول إطلاق اسم الماء، ولا يراعى في التغيّر بالنجاسة ظهور التغيّر، حتى يسقط اسمُ الماء، بل المرعي ألا تكون النجاسة مغمورة بالماء، ومهما ظهر في الماء صفة من صفات النجاسة، فقد تبين أنها ليست مغمورةً.

ولو وقعت نجاسةٌ جامدة في الماء، فتروّح الماء بها، ولم تخالط الماء، فالذي يدل عليه كلام الأئمة أن الماء الكثير ينجس بالتروّح بمجاورة ما وقع فيه.

وكان شيخي يحكي في المجاورة كلاماً، ويختار أن الماء لا ينجس بهذا؛ فإنه لو كان بالقرب من الماء جيفةٌ، فتروّح الماء بريحها، لم ينجس، فوقوع عين النجاسة في الماء الكثير غير مؤثّر.

والظاهر عندي ما نقلتُه من كلام الأصحاب؛ فإن هذا يعدُّ ظهورٌ لأثر النجاسة؛ فتعاف النفس الماء بسببه.

فهذا بيان حدّ الكثرة ومعنى التغيّر بالنجاسة، وهما قاعدتان إليهما استناد فصول الباب.

فصل

٣٥٠ - إذا وقع في الماء الكثير نجاسةٌ مائعة، ولم تغيّره، فالماء طهور، ولا أثر لتلك النجاسة أصلاً. وإن كانت النجاسة ماسكةً (١) جامدة، فوقعت في ماء كثيرٍ، فالذي نصّ عليه الشافعي في الجديد أنه يجب التباعد عن موضع النجاسة، بقدر قلّتين، ثم يكون الاغتراف وراءهما، والمنصوص عليه في القديم أنه لا يجب ذلك، وهو الأصح.

وفيما بلغنا من المسائل ثلاث مسائل في كل واحدة قولان، القديم فيها أصح من الجديد: إحداها - هذه، وستاتي الأخريان - إن شاء الله تعالى.


(١) (ل): جامدة مائلة.